الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، فالمتتبع للحوادث الإرهابية التي حصلت في بلادنا رعاها الله يلاحظ أمراً مهماً للغاية من الناحية الجنائية وهي أن هذه الفئة الضالة كانت تراهن رهانات خاسرة كبيرة وكثيرة. ومن أكبر هذه الرهانات الخاسرة، أولاً أنهم كانوا يراهنون على أن المجتمع سيتعاطف معهم ولكن ولله الحمد إن مجتمعنا المؤمن المحافظ يعرف الحق من الباطن والنور من الظلام، بل ما حصل هو العكس تماماً فقد قام المواطنون جميعاً ضد هذا البغي والعدوان والفساد ولا أصدق من مشاعر المواطنين صباحاً ومساءً وتصفيقهم وفرحهم وهو يشاهدون انتهاء فصول هذه المؤامرة الدنيئة على وطنهم من بعض من شذ ممن غرر بهم.
رهان آخر كانت تراهن هذه الفئة الضالة عليه وهي أن البلاد، (المملكة) متسعة وفي إمكانهم الاختباء بسهولة ويسر ولكن اتضح وبفضل الله ثم بفضل رجال الأمن البواسل أن بلادنا الشاسعة قد ضاقت عليهم لذا لم يجدوا مكاناً يختفون فيه من المواطنين ورجال الأمن.
ورهان ثالث أنهم كانوا يراهنون على وصول إمدادات وأسلحة لهم من مصادرهم الملوثة من بعض الدول ولكن يقظة رجال الأمن في حرس الحدود أبطلت مثل هذه التهريبات وسقطت جميع المهربات من الأسلحة في قبضة رجال الأمن.
ورهان رابع كانوا يراهنون عليه هو في مرجعيتهم الدينية وكانت انتكاسة لهم عندما قاموا من كانوا يفتون لهم بالتوبة والرجوع للحق أمام أجهزة الإعلام فقطع بذلك طريق فتاوى الإرهاب الفاسدة.
ورهان خامس كانوا يراهنون عليه هو في قياداتهم وهنا مربط الفرس فلقد أصيبوا في مقتل بعد قتل قياداتهم الإرهابية بواسطة رجالنا البواسل، ولذا أصبحوا مشتتين لا قيادة لهم ولا مرجعية.
رهان سادس كانوا يراهنون عليه هو أن قيادة هذا البلد الطيب المبارك سوف تخاف وتحاول الاتصال بهم بأي طريقة وثبت فشلهم بعد تصميم القيادة حفظها الله وثباتها على الحق وقوتها فيه والتأكيد على أنه لا حوار ولا اتصال مع من يرغب في زعزعة أمن الوطن.
وكانت نتيجة هذه الرهانات الخاسرة أننا بدأنا والحمد لله نشاهد تساقط هذه الفئة الضالة بطريقة أو أخرى، فمنهم من قتل ومن أصيب ومن قبض عليه والعاقل منهم من رجع للحق وسلَّم نفسه للسلطات.
وهذه رسالة لباقي هؤلاء الإرهابيين ولا أخاطب عقولهم لأني والله أشك في عقولهم ولا أخاطب دينهم لأني لا أرى نوراً هناك ولا أخاطب أخلاقهم لأنهم وبعد قتل الأبرياء والأطفال حتى وصل الأمر لقتل أصحابهم وزملائهم فأين الأخلاق عندما يغلق الباب على مريض حتى يموت وعندما يبتر ساق إنسان بالمنشار، إذاً فلا أخلاق البتة ولكن أخاطب فيهم الغريزة وهي غريزة حب الحياة لأنه وحتى الحيوان الذي لا يملك العقل ولا الدين ولا الأخلاق يملك غريزة حب الحياة وكره الموت وهذا أمر معروف وللأسف فهذه الغريزة هي العامل المشترك بيننا. فهل من المنطق للإرهابي أن يظل يهرب من مكان لآخر والسؤال إلى متى يوم، شهر، سنة، طوال العمر والنهاية. أنت ملاحق في طول البلد وعرضها وصورك صباح مساء في وسائل الإعلام وحتى أسرتك تكرهك وتحقد عليك فلقد جلبت لهم العار والخزي ولا تستطيع أن تهرب خارج البلاد لوجود حرس الحدود ولا تستطيع الذهاب لمسجد لخوف أن أحداً سوف يتعرَّف عليك ولا إلى مستشفى لخوف من أن يبلغ عنك.
والسؤال الغريزي إلى متى هذا الهروب وما هي النتيجة؟ وأي عاقل يعرف أن من لم يمسك اليوم سوف يمسك غداً أو بعده، إذاً فالمسألة مسألة وقت فحسب، إذا كنت تنتظر الموت كل لحظة ما قيمة الحياة ولذا هو سؤال غريزي لغريزة حب الحياة.
إذاً ما هو المخرج؟ المخرج الوحيد لهذه الورطة التي أوقع هؤلاء أنفسهم فيها هي التسليم للسلطات والاستفادة من العفو فلقد (وقع الفاس بالراس) ولا سبيل للتخفي لأنه كما ذكر إلى متى وإن كان لهؤلاء عقول فسوف يستفيدون من هذا العفو وأنا متأكد أن غريزة حب الحياة تضغط عليهم للتسليم حتى يسلموا ولكي ينام ولو ليلة قرير العين والعاقل من يستفيد من هذه الفرصة والتي لا أظن أنها ستكرر من ولي الأمر - حفظه الله ورعاه - وهي الدليل الأوضح على العفو عند المقدرة وجاءت في الوقت المناسب لتلقي الماء على النار ولكن السؤال هل من عاقل يستفيد.. آمل وأدعو الله أن يكون كذلك.
* وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية
أستاذ علم الإجرام المشارك - جامعة القصيم
رئيس مركز الشيخ ابن سعدي للدراسات والبحوث |