إن هناك عوامل وأموراً تضعف مسيرة التربية والتعليم لدينا تحد من الاستفادة من الإمكانات المتوفرة لدينا، فهي تخص اختيار وإعداد المعلم فهذان الأمران، أساس نجاح مسيرة التربية والتعليم في أي بلد. فاختيار وإعداد المعلم لدينا ضعيف جداً فليس هناك قواعد وأسس يتم من خلالها اختيار المعلم وليس لدينا مناهج وبرامج تشبع وتنمي وتطور من قدرات المعلمين. فسوف أتحدث عن هذين الأمرين على مستوى كليات المعلمين دون غيرها، لأنها هي التي تقوم بتزويد المدارس الابتدائية بالمعلمين. فأعلم أن هناك من يوافقني «وقليل ما هم» فليست المشاهدة كالمعاينة فمن يرد الحقيقة فليبحث عنها في أروقة بعض الكليات، فالواقع يشهد وأصحاب العقول تشهد والحال يشهد وكفى بالله شهيداً.
أولاً: اختيار المعلمين، فاختيار الطلاب المتقدمين لكليات المعلمين اختيار شبه عشوائي، بدليل أمرين لا ثالث لهما: «أ» المقابلات الشخصية: فهي بإيجاز عبارة عن مقابلات لا يتعدى كونها «روتينية» لم يعد لها قواعد وأسس علمية بموجبها يتم اختيار الطلاب ولكن الواقع هو مناقشة بين المقابِل والمقابَل تتضمن عدداً من الأسئلة التي لا تبرز مدى صلاحية الطالب من عدمها «ما اسمك» و«كم كانت نسبتك» وأسئلة غير مهمة، بل إن احدهم سأل احد الطلاب «كم تبعد مدينتك عن هذه الكلية» ومن ثم يتم اختباره بقراءة شيء من القرآن. «ب» الاختبارات التحريرية: وإذا ما ذهبنا إلى الاختبارات التحريرية وجدناها لا تشمل الجوانب الأساسية والمعايير الدقيقة لاختيار الطلاب فأغلبها عبارة عن أسئلة وقطعة يقوم الطالب بإعادة كتابتها وتصحيح الأخطاء الإملائية إن وجدت والأدهى والأمر أن يوضع لهذه الأسئلة اختيارات. فاختيار الطلاب في كليات المعلمين «إلا من رحم ربي» سلبي جداً وهذا هو الطابع العام على اغلب كليات المعلمين ، ويمر بمعوقات كثيرة منها العشوائية، الواسطة، اللا اهتمام بوضع الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية واليكم بعض الأمور المعينة على الاختيار الصحيح:
1 - يجب ألا يكون «المعدل العام» للطلاب المتقدمين هو المقياس الأول فالمعدل ليس المقياس الحقيقي لمستوى الطالب، فربما كان هناك طالب مجتهد ممتاز شغوف بطلب العلم ويخفض معدله مادة أو مادتان كاللغة الانجليزية مثلاً.. فبأي حق نحرم طالباً كان متفوقاً في اللغة العربية مثلاً، أو في الرياضيات أو في مواد أخرى بسبب مادة أو أخرى، فلماذا نعطل ونحطم عقولاً ربما تفيد المجتمع، وربما لو تخصص مباشرة في المواد التي يميل إليها ومتفوق بها لحصل ونال أعلى الشهادات وأصبح معلماً مفيداً لوطنه ومجتمعه.
2 - قبل خمس سنوات كانت نتائج الثانوية العامة منخفضة جداً، وقليل جداً من يحصل على ممتاز، وكان الطالب لا يحصل على الشهادة إلا بعد تعب وعناء أما في السنوات الأخيرة فقد ارتفعت المعدلات وكثرت نسبة الحاصلين على تقدير ممتاز، وهنا أسأل سؤالاً: هل مستوى الطالب في الماضي «أي قبل خمس سنوات» كان ضعيفاً، وهل طالب السنوات الحاضرة مستواه مرتفع؟! في الحقيقة مستوى الطالب الأول أفضل بكثير عن مستوى الطالب الثاني، لسبب انه لم يكن من السهل على أي طالب الحصول على شهادة الثانوية العامة فكان الذي يأخذها يأخذها بعد كد وسهر، أما الطالب الثاني فهو يعلم قبل الامتحان هل هو ناجح أم لا؟!! بسبب ما تقدم له للوزارة من تسهيلات وتخفيضات مثل ليس من الواجب أن يأتي بثمانية وثلاثة أرباع الدرجة في ورقة الإجابة فبمجرد أن الطالب يتجاوز خمسين درجة الحد الأدنى يعتبر ناجحاً حتى لو لم يكتب إلا اسمه في ورقة الإجابة.
فقلة المعلومة والمعرفة لدى طلاب السنوات الأخيرة مع تزايد أعداد الحاصلين على ممتاز، ومن أراد التأكد من ضعف مستوى الطلاب الآن فلينظر إلى معدلات الطلاب في الفصلين الأول والثاني في الصف الثالث الثانوي وقارنوا بينهما فسترون اختلافاً كبيراً.
إذا خلاصة القول إن المعدل ليس المقياس الحقيقي لمعرفة مستوى الطالب ومدى صلاحيته في كليات المعلمين. ولاكتشاف مستوى الطالب ومدى فاعليته ومناسبته لكليات المعلمين اقترح ان يكون هناك مركز في كل كلية ينتظم فيه المتقدمون لمدة معينة ويتم تفعيل هذا المركز بالمحاضرات التربوية والتعليمية عن طريق تربويين متخصصين في هذا المجال مع مراعاة القدرات الفردية لكل طالب والتطبيقية ويتم فيه اثارة قضايا تربوية ويعرف مدى تفاعل الطالب معها وبعد ذلك يتم اختيار الطالب بعد ان تم التعرف على شخصيته. وهنا يجب قدر المستطاع الا تدخل الواسطة في ذلك فهي ربما تجدي بأي قطاع ولكن قطاع التربية والتعليم خاصة ليس لكل من هب ودب فالمسألة لا تتعلق بكونها وظيفة ممتازة وراتباً محترماً فالقضية تتعلق بعقول، نعم ارواح غالية على الوطن والمجتمع.
ثانياً: المناهج في كليات المعلمين: فالمناهج في كليات المعلمين بخيلة جداً ولا تنفق على طالبيها فهي عبارة عن «مذكرات» قليلة الصفحات ليس فيها جديد لطالب العلم فجميع ما يدرسه الطالب في السنتين الاولى «الاعداد العام» لا تفيد الطلاب لانها دروس نظرية مكرورة وسبق له دراستها.. فالذي يأخذه الطالب في الترم الاول والثاني موجود في الصف الاول والثاني المتوسط وهكذا فدراسته لها مضيعة للوقت فأين طلب العلم، وما فائدة محاضرين يحملون أعلى الشهادات والنهاية دروس لو أحضر لها طالب يحمل الثانوية العامة لقام بشرحها وتدريسها والله أيها الاخوة الكرام ان هناك مقررات تدريس في بعض الكليات يستحي من قراءتها فضلاً عن تدريسها، فمن يريد الحقيقة فليمر على تلك الكليات ويتقص الحقائق بنفسه وليسأل من يعرف في تلك الكليات.
يما يتعلق بالمناهج اقترح ان يتم توحيد المناهج في كليات المعلمين وكذلك الاختبارات واعتقد انه عندما يتم تطبيق ذلك فسيكون الامر نافعا ومفيدا للجميع.. واقترح كذلك ان يتم تشكيل لجنة تصحيح في كل كلية وتقوم كل كلية بإرسال اجابات طلابها الى كلية اخرى فمثلا اجابات طلاب كلية المعلمين في جازان ترسل الى لجنة التصحيح في ابها والعكس وهكذا جميع الكليات. وبذلك قامت الحجة على الجميع، وبذلك ايضاً يعرف الباطل العاطل عن البطل الواعد، فيسقط البطال بعيداً عن منازل الابطال.
اما الوضع الحالي فمختلط الحابل بالنابل فالمناهج سهلة ميسرة للجميع، انا لا اطالب بتعقيد المناهج بل اطالب بمناهج تفيد طالب العلم في الدارين وتكون عوناً للمعلم في مسيرته التربوية والتعليمية.
وفي الختام اشير الى انه هناك كليات طريقة اختيارها لطلابها ومناهجها جيدة الا انها قليلة جداً، والحق انها جامعات بما تقدمه من خدمات لطلابها «تربوية، وتعليمية» فتشكر على ما تقوم به.
|