Saturday 31th July,200411629العددالسبت 14 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

رحل الرمز فانجبر الفراق وكسر الوصال رحل الرمز فانجبر الفراق وكسر الوصال
فهد بن أحمد الصالح

* وها هو الآن يغادر.. بصمت!!
* بعد كل ذلك الضجيج...
* كل تلك المعارك... والأحداث.. والقصص الموشومة بالانتقام!!
* بعد كل ذلك الصخب... يسود الوداع الآن ويعز اللقاء غدا!!؟
* ما الذي سيتغير؟... أو ما الذي سيحدث؟
* سينقصهم الرجل الأوحد!!
* وسنفقد نحن جميعاً آخر يشبه الصرح الأعظم المفقود!!؟
* الأرض الآن تحمل حقائبها وتفر من تحت أقدامه؟
* تماما كما فعلت مع رمز الرياضة والتاريخ (فيصل بن فهد)
* السيناريو يتكرر باختلاف الزمان والمكان!!
* لكنها مأساة للاحتمالات التي لا تعرف انصاف الحلول!!
* لا تعرف إلا أن تتركنا معلقين بين الدموع والذكريات!!
* كان يقول (فريقي لي اليوم.. ولأولادي غداً... ولأحفادي مستقبلاً)!!
* كان يرسم الطريق الأصعب لنهاية كل جميل تصنعه المستحيلات حين قال (فريقنا بمن حضر)!!
* ولأننا قوم لا نتذكر المبدعين إلا بعد وفاتهم تماماً كما هو الأديب بعد موته والفنان بعد رحيله واللاعب بعد اعتزاله...
* فإننا وأمام موت الرمز (عبدالرحمن بن سعود) نرى تصاعد العقوق برائحة كريهة بين أنوف لا تشم!!
* ما يقارب النصف قرن من الركض والركض إلى خط النهاية الوهمي!!
* ما يقارب النصف قرن من الصهيل على أروقة الرياضة وأعمدة الصحافة وفلاشات الإعلام الذي ومض بفيض رأيه الصريح... المجرد الذي يموج بمبدأ (ان لم تكن معي فأنت ضدي).
* تناسى جرحه وهو ينزف دماً... لدموع الفرح!!
* هامة شامخة... ورتم قصصي ممتع...
* شريط طويل لأحد أولئك الذين فضلوا البقاء في زمن الخذلان!!؟
* كأني بطفل صغير يحكي لزميله في المدرجات عن الرمز الصامد..!!
* كم طفل يا ترى سيتحدث لجيله عن ذلك العملاق عن تلك الملامح عن تقاسيم الوجه الغاضب ورايات الأعلام المدببة...!!
* عن حب الأرض الصفراء والبحر الأزرق والجزيرة الخالدة!!؟
* أتذكر الآن كما لم أتذكر من قبل.. أتذكر حين التقى مربيه الفاضل واستاذه الباسل (عثمان الصالح) في منزله العامر... كنا صغاراً تتسابق لشفاهنا ابتسامات الأمير النجم!!
* سأله الشيخ وانصتنا نحن جميعاً قال له ماهي هوايتك يا عبدالرحمن؟
ابتسم الأمير برهة... ثم اجتر شهيقاً عنيفاً رحمه الله وقال:
(هوايتي ان أراجع نفسي لأعرف أخطائي... وكثيراً ما اكتشفت انني أخطأت أكثر مما أصبت... ويلومني أصدقائي على غفلتي لأني أحسنت الظن ببعض الناس الذين أساءوا إلي...
ولا أعتبر حسن الظن بالناس غفلة مني أو استغفالاً منهم...
إنني اعتبر كل إنسان طيبا إلى ان يثبت العكس...
ولا أتفق مع الذين يتوهمون ان كل انسان سيئ إلى ان يثبت العكس...
حسن الظن بالناس يجعل حياتي سعيدة...
أنام الليل كله عندما أضع رأسي على الوسادة..
لا أعرف الأرق والقلق... ولا أرى الأشباح في ظلامي... ولا أخاف أحدا إلا الله... ولا أظن انني خسرت شيئاً بثقتي بنفسي...
على العكس كسبت ألوف الأصدقاء... وتلقيت ألوف الخدمات...
ولو شككت في كل انسان لما اعتمدت على أحد.. ولأمضيت حياتي أتلفت خلفي وحولي ولا أتقدم خطوة واحدة إلى الأمام...
ولست أندم أنني وثقت بألف إنسان وكان تسعمائة وتسعة وتسعون فرداً منهم عند حسن ظني، وخرج واحد منهم عن اجماعهم.. فأنا لا أضع اللوم كله على هذا الفرد الذي أساء إلي... فقد أكون استحق بعض اللوم.. وربما أغلب اللوم.. ولكن بالتأكيد ليس كل اللوم...!!
فكم من مرة يندفع الواحد منا منطلقاً في طريقه.. ودون أن يشعر يدفع شخصاً لا يعرفه.. وربما يسبقه... وربما ينسى ان يحييه... وربما يدوس على قدمه دون أن يقصد... ومن حق كل واحد من هؤلاء ان يغضب أو أن يتضايق...
وكثيرا ما ننسى ان نعتذر عما بدر منا...
وكثيرا ما نجهل ما بدر منا...
ولهذا فإنني دائماً لا أناقش صاحباً إذا عاتبني...
وأفضل أن أعترف بخطئي أو خطئه حتى لو لم أخطئ
في حقه... وبذلك أريحه وأريح نفسي.
وشعاري في الحياة انه يجب ان أعطي عذراً لطبيعة البشرية...
فليس من حقي أن ألوم زميلاً لي كان ترتيبه الأول في المدرسة الابتدائية... بينما كان ترتيبي في أواخر الفصل... ليس من حقي أن ألومه لأنه يعتقد انه أحق مني في العمل الرياضي... لو كان هناك عدالة... واجبي ان أسعده باعترافي بأنه كان فعلا الأول في الترتيب... وانني كنت قبل الأخير... وانه كان المتفوق وانني كنت الكسول... وان الدنيا حظوظ تحرم المستحقين وتعطي غير المستحقين... رغم انها لا تستمر على حال واحد...
ومن الممكن ان أحسن الظن بانسان في بدايته، ثم تختلف نهايته عن بدايته وليس هذا ذنبي وإنما هو ذنبه...
ولقد خلق الله ابليس ليكون ملاكا فشاءت حماقته ان تجعل منه شيطاناً...
كل واحد منا ليس معصوما عن الخطأ وكل من يعمل يخطئ ولكن واجب كل انسان ان يراجع نفسه ليعرف أخطاءه وليحاول اصلاحها...
ان الخطأ يبدأ صغيرا... فإذا تمادينا فيه يتحول إلى كارثة لا تقاوم ولا تصد...
وهوايتي الصراحة لأنني لا أخاف أن أخطئ... وإنما أخاف أن يجيء يوم أتوهم فيه أنني لا أخطئ).
* عندها ابتسم الشيخ.. وصفق الصبية.. وعرفت أنا ان هذا الرجل غير عادي!!
* أجل قد خسرت الرياضة السعودية جل إثارتها... ومجمل شراستها برحيل (أبي خالد)
* لأنه ممتع حين يغضب.. وممتع حين يهزم.. وممتع حين يفوز فقد آثر البقاء في قلوب أبناء الوطن على الرحيل...
* قبل أسابيع رحل ابن عم لي هو (عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن صالح) كان وقع الخبر أكبر بكثير من ان أمسك القلم أو ان أتحدث عن هموم الكرة... والكرة تموت في قلبي ويموج الكمد في أحشائي ولم أحس بنفسي إلا وأنا أقسو على قرائي بالابتعاد المؤقت عن زاويتي بل زاويتهم التي أحقق بها بعض رضاهم والقليل القليل من عدم رضاي أنا!!
* ولم أفتر كثيراً حتى صعقت بخبر وفاة الرمز (عبدالرحمن بن سعود) من قريبي الملاصق لقلبي وروحي معاً...
* لم أحس بنفسي إلا وأنا أمسك القلم وأكتب عن هامة أعترف الآن بأننا قسونا عليها كثيراً.. خالفنا رأيه.. ونصرنا غيره... فصبر وكابد ورفع راية سوداء من التحدي حتى انتصر علينا جميعاً... انتصر بصبره ومثابرته وقوته الخارقة...
لقد كان يجعلنا بفوج حماسه نذهب إلى اسرتنا باكراً لنقضي النحب هناك بعد ان ينفذ وعيده وتهديده الممزوج بالإثارة...
* رحم الله عبدالرحمن بن سعود وأسكنه فسيح جناته وأبدله بدار خير من داره انه سميع مجيب الدعاء.
* بقي ان نذكر ان عبدالرحمن بن سعود هو ابن النادي البار وابن الوطن المعطاء وواجبنا الآن ان نحيي ذكراه بإطلاق اسم إحدى المدن الرياضية السعودية باسمه.
* لا أراكم الله مكروهاً وطمأنكم على غاليكم و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved