Saturday 31th July,200411629العددالسبت 14 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

مثالية المتطرفين مثالية المتطرفين
حمد بن صالح الجاسر / مدير التربية والتعليم بمحافظة الزلفي

الإسلام دين الوسطية قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ}، ورسالته نور كما في قول الحق تبارك وتعالى: {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، ورسوله رحمة للعالمين قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، بل وجعل الخلق متساوين في الرزق كما في قوله جل وعلا: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
ولم ينه سبحانه وتعالى عن المعاملة بالحسنى مع المخالفين، ولربما تحولت العداوة إلى محبة مصداق قوله: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {7} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، بل حتى لو لم يؤد المقابل ما عليه من حقوق قال تعالى: {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ}، إلى غير ذلك من التوجيهات السامية التي لو طبقها المسلمون لبرزت محاسن دينهم ولدخل الناس في دين الله أفواجاً، ولكن لما حصل الخلل واختلطت المفاهيم وقل الفقه ودخلت المصالح وانجرف بعض الناس مع الهوى والشيطان غلوا في دين الله وأصبحوا أداة لكل عدو متربص ونسخة مكررة ممن شادّ الدين وخرج عن الطريق المستقيم.
ولو تأملت المثالية التي ينشدها كل متطرف في القديم والحديث لوجدت انه هو بذاته لم يتصف بها لا في سلوكه ولا تعامله ولا أدائه للحقوق الملزم بها شرعاً أو عقلاً أو عرفاً، وقد مرت طوائف الغلو في مجتمعات المسلمين فأحدثت كوارث هاجت وماجت كان آخرها ما حصل في عام 1400هـ، حيث ظنت تلك الفئة ان المجتمع يسير إلى الهاوية وأنه هالك وعمله في تباب، وأن النصر والمدد سوف يتتابع عليهم وأنهم الصفوة المستحقون للتمكين في الأرض! وما هي إلا أيام ويتبخر بحر الوهم الذي أصبح سراباً، وتموت الفتنة بهلاك الفئة الباغية {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
إنها السنن، وبنفس الأفكار والأحكام والتوجهات والمقاصد تنتصب اليوم هذه الفئة الباغية لتوجه سهامها إلى من يوحد الله ويصوم ويصلي، بل زادت على من سبقها بإهلاك الحرث والنسل، وجرّت على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الدمار والويلات، وأضاعت الثروات، وأثارت النعرات، وسلّطت الأعداء.
وأخيرا قل لي بربك يا من تتبنى هذا الفكر، ما المحصلة النهائية من هذه الأعمال المشينة غير الصد عن دين الله؟؟ ولعل من بغى ان يتوب ويرجع إلى ما عليه أهل العلم وسواد الأمة من أهل السنة والجماعة.. فلئن تلقى الله بذنوب كالجبال أهون من ان تلقاه وقد سفكت دماً حراماً. والله المستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved