قبل التفكير في كتابة هذه المقالة عن سعادة الأستاذ عبد الرحمن العبدان كنت متردداً في ذلك لأن الحديث يحتاج إلى من لديه ملكة إبداعية يستطيع من خلالها من قراءة أعمال هذه الشخصية بشكل جيد لأنها مدرسة استطاعت أن تحيط بمنظومة الحياة المعرفية كاملة؛ فلهذا أجد نفسي عاجزاً عن توظيف قدراتي الكتابية المتواضعة لتليق بالحديث عنها، لكن المشاعر الوجدانية والانطباعات الشخصية ليست بالضرورة أن تحمل صفة المقالة العلمية إن صح التعبير فلهذا تشجعت على الكتابة عنه لعل وعسى من كان متردداً على شاكلتي أن يتشجع على إبراز هذه الشخصية الفذة ولاسيما من رجال التربية والإعلام لأن الحديث عنها أمر مهم ومفيد كيف لا ونحن نتذكر المدرسة الأولى التي أنجبته وهي مدرسة العالم الجليل الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العبدان رجل القضاء والتربية والأدب والكرم - رحمه الله - (قاضي مدينة عنيزة سابقاً)، هذا الرجل الذي جسد العلم وتأصيله في منهجه وتعاملاته في هذه الحياة واستطاع أن يتعامل مع روح العصر بعقلية نيِّرة تستشرف المستقبل انطلاقاً من الوسطية السمحة في ظل هذه الأجواء قدَّم لأبناء هذه الأمة ذرية صالحة متسلحة بسلاح العلم والمعرفة، والأستاذ عبد الرحمن واحد من أبنائه الذين تأثروا بتربيته وتوجيهاته التي أكسبته في ميادين الحياة الشيء الكثير بدءاً من دراسته الابتدائية في مدينة بريدة ودراسته للمرحلة المتوسطة والثانوية بدار التوحيد بالطائف، ومن ثم التحاقه في مرحلة الدراسة الجامعية بكلية الشريعة والتربية بمكة المكرمة التي تخرَّج منه سنة 1379هـ، وبعد ذلك اتجه إلى التدريس بمدينة الطائف ثم مديراً للتعليم بمنطقة جازان ثم مديراً عاماً للمجلس الأعلى للإعلام وسوف أختصر في الحديث عنه من مجالين من المجالات التي عمل فيها وهي عمله مديراً عاماً لبرامج التعليم الخاص بوزارة المعارف آنذاك وأميناً عاماً للمجلس الأعلى للإعلام، حيث إنه استطاع في فترة عمله مديراً عاماً لبرامج التعليم الخاص من إحداث نقلة نوعية في زيادة البرامج المقدمة للتعليم الخاص وكان عند حسن ظن المسؤولين الذين أدركوا تطلعاته إلى ضرورة دعمه حتى يتمكن من تطوير هذا النوع من التعليم وكان له ما أراد ولم يتوقف نشاطه في خدمة برامج التعليم الخاص عند هذا الحد، بل ساهم في إدخال النشاط الرياضي من خلال نادٍ خاص اسمه نادي الصم الذي مكَّن فئة كبيرة من المعوقين من الانتماء إليه وقضاء وقت فراغهم فيه ومزاولة الأنشطة الرياضية المتنوِّعة والذي أصبح الآن رافداً أساسياً لرياضة المعوقين في المملكة. أما الموضوع الآخر فهو عمله في المجلس الأعلى للإعلام بوظيفة أمين عام له وقد استطاع بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للإعلام من توظيف مهام المجلس الأعلى للإعلام بالشكل المطلوب والتي من مهامها:
1 - وضع سياسة التنمية الإعلامية.
2 - دراسة واقتراح الأنظمة الإعلامية.
3 - وضع سياسة التوعية العامة.
4 - وضع برامج تنمية المعرفة الإعلامية.
5 - إقرار سياسة محتوى البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
6 - ودراسة الجدوى الإعلامية للمعارض والأجنحة الإعلامية التي تنظَّم داخل المملكة وخارجها.
7 - وضع سياسة الإعلام الخارجي والإشراف على برامجه.
8 - إجازة ترشيحات القيادات الإعلامية في الخارج.
9 - معالجة المشكلات التي تعوق التنمية الإعلامية.
وغيرها من المهام التي ترتبط باختصاصات المجلس، وفي ظل هذا العطاء المتواصل لم يغب عن باله المشاركة في الندوات والمحاضرات التي تُقام في المملكة بين وقت وآخر بالذات التي لها علاقة بالتربية والإعلام وعلى سبيل الذكر مشاركته في الندوات التي قام بها مكتب التربية العربي لدول الخليج مثل ماذا يريد التربويون من الإعلاميين التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز خلال الفترة من 6 إلى 9 - 8-1402هـ، كذلك الاجتماع المشترك بين التربويين والإعلاميين في الدول الأعضاء الذي عقد في مكتب التربية العربي لدول الخليج خلال الفترة من 24 إلى 25 - 10 - 1409هـ.
ولقد تعود منه الجميع الحضور المتميز في مثل هذه اللقاءات من خلال قوة طرحه ومداخلاته والأسلوب الجميل الذي يتمتع به. وبعد المشوار الطويل في خدمة بلده ترجَّل هذا الفارس بعد إلغاء المجلس الأعلى للإعلام ولكن قدرته على العطاء ما زالت نتمنى أن يستثمرها في أعمال أخرى مثل إنشاء دار للاستشارات الإعلامية والتربوية لتقديم المشورة للمؤسسات التربوية والإعلامية نتيجة للمخزون الثقافي والتربوي والإعلامي الذي يتمتع به.
سائلاً المولى جلَّت قدرته أن يديم عليه الصحة والعافية وأن يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة.
|