يمكن النظر لحصاني الرهان في سباق الرئاسة الأمريكية على أنهما وجهان لذات العملة فيما يتصل بالقضية المركزية للعرب والمسلمين، وهي القضية الفلسطينية. فلا ينبغي توقع الكثير من المرشح الديمقراطي إذا حلَّ محل الرئيس الحالي. والأحرى أننا سنرى تواصلاً لذات السياسات، خصوصاً أن القرار عندما يتعلق الأمر بفلسطين يكون قراراً صهيونياً من اللوبي الذي يتحكم في مفاصل الإدارة والسياسة الخارجية.
لقد وعد المرشح الديمقراطي بإعادة شيء من المصداقية إلى البيت الأبيض وإلى تعديل الصورة الأمريكية من مصدر للخوف إلى بلاد تعمل مع الآخرين.
ويستلزم ذلك أن يفوز كيري أولاً، ثم أن يستطيع أن يفي بهذه الوعود، فالصورة الأمريكية الحالية التي رسمها بوش في الذهنية الدولية تشير إلى دولة عظمى تأخذ القانون بيدها ولا تعبأ كثيراً بما يقوله الآخرون. بل إنها تساند دولة عدوانية، وتسجل مساندة مقيتة وبالصوت المسموع لاعتداءات إسرائيل حتى وهي تبني جدارها العنصري في الضفة الغربية، بل وتقف ضد الإرادة الدولية والإجماع الدولي، سواء في محكمة العدل الدولية أو في مجلس الأمن من أجل مناصرة إسرائيل.
إن التركة ثقيلة، وليس بمقدور كيري إزاحتها أو تعديلها، والأحرى أنه لن يكون في واردٍ تحريك أو تعديل أي شيء يتصل بإسرائيل، فهناك ما يشبه الثوابت الأمريكية بهذا الصدد، وغالباً ما تحل (لعنةٌ) ما بمَن يحاول التعبير عن ضيقٍ ما تجاه إسرائيل على الرغم من أنها تحرج واشنطن بين كل حين وآخر، فهي تعتدي على الفلسطينيين، لكن واشنطن تضطر في كل مرة إلى تبرير هذا الاعتداء حتى قبل إسرائيل ذاتها.. واللعنة المقصودة هنا تكون من تدبير ذات اللوبي.
إذن ما الذي يستطيع كيري أن يفعله؟ من الواضح أن كيري يتحدث عن أشياء أخرى غير إسرائيل؛ فهو قد أشار تحديداً إلى العراق وكيف أن الحرب التي دارت لم تكن بمبررات كافية، وأنه لذلك وجدت الولايات المتحدة نفسها وحيدة في غياب كبار الحلفاء.
لكن وحتى هنا فإن كيري لن يجد أمامه مساحة واسعة للتحرك، فما يجري في العراق يرتبط أيضاً بإسرائيل، فالعراق دولة عربية ومهمة وإخراجه من دائرة التأثير يصب مباشرة في صالح إسرائيل.. ويتطلع اللوبي الصهيوني وإسرائيل إلى ما هو أكثر من العراق، بل إلى تدمير كامل هذه الدول التي تشكل دعماً للقضية الفلسطينية.
|