* مكة المكرمة - واس:
دعا إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين إلى تقوى الله عزّ وجلّ حق تقاته وقال: اجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية لكم لفعل أوامره واجتناب نواهيه ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون مستسلمون لله في أمره ونهيه راضون بشرعه وحكمه فمن التزم الإسلام بالتقوى فاز في الدنيا والآخرة ومن قلت تقواه زل في وحل الشهوات ومن لم يستسلم لله ظل في تيه الشبهات.
وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة أمس: لقد خلق الله البشر ليعبدوه وأورثهم الأرض ليوحدوه، أرسل إليهم رسلاً وشرع لهم شرائع تناسب ما هم عليه كل أمة بحسب حالها، ثم إن الله تعالى ختم الشرائع بشريعة الإسلام التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فنسخت ما كان قبلها وجعلها الله خاتمة الأديان، فجاءت على أكمل نظام وأحسن إتقان في جمال وجلال وصلاح لكل البشرية والأجيال {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
وأوضح أن من أبرز سمات الشريعة الإسلامية الخاتمة الوسطية والاعتدال وبنيت على جلب المصالح ودرء المفاسد والتيسير ودفع المشقة
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
وفي وصف من شملته رحمة الله من أهل الكتاب {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} أي أنه جاء بالتيسير والسماحة والرفق ورفع الحرج والحنيفية السمحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسي الاشعري رضي الله عنهما لما بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفان).
وأكد الشيخ آل طالب أنه من هذه المبادئ وغيرها صارت هذه الأمة وسطا كما قال الله عزّ وجلّ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
قال القرطبي وغيره: أي عدولا خيارا والوسط هو الخيار والأجود كما يقال قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها وأفضلها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه أي أشرفهم نسباً.
وقال الشيخ صالح آل طالب: إن اللخه عزّ وجلّ حينما جعل هذه الأمة وسطاً خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب متسائلاً: لماذا الحديث عن الوسطية والسماحة في الدين والتشريع، لقد مرت فتن اشربتها قلوب وزلت فيها أقدام ولاكتها ألسن وخطتها أقلام ووافقت هوى فئام فكانت تبعاتها لديهم اختلالاً في الرؤى واضطراباً في التفكير ولا غرو فإن الظلام ينتشر حين يخبو النور، لذا كان لزاماً على أهل العلم أن يبينوا ويرشدوا وأن يفهم المسلمون ويفهموا المعاني والمقاصد الشرعية كما أرادها الله لا كما تفسرها أهواء البشر مع أننا لا نعاني من أزمة إقناع بقدر ما نعاني من أصحاب الهوى والأغراض وممن امتلأت قلوبهم بالأمراض يجرون الأمة إلى التغريب ويدفعونها عن دينها دفعاً عن طريق الطعن في الأسس والثوابت، بل تجرأ من لا علم عنده على الدين ذاته ليفسره كيف شاءوا وليكيفوه على أهوائهم حتى تجاوزوا المرجئة في انتقاص فرائض الدين والجرأة على حدود رب العالمين كما بليت الأمة بمن يجتزئ الآيات ويختزل النصوص ويعمل فهمه الخاص فسفكت دماء واتلفت ممتلكات وروّع آمنون وقتل مؤمنون ومستأمنون مما جر على الدين أهله ويلات ونكبات.
وأضاف الشيخ آل طالب يقول: فهدي الإسلام بعيد عن الغلو والتنطع وان حمل عليه رغبة في الخير ومحبة للدين إلا أنه عمل غير رشيد ومنهج غير سديد لمخالفته الكتاب والسنّة وهما الميزان لصحة المنهج وسلامة المعتقد وصواب العمل وعلى هذا يقاس إرادة الإصلاح، فكم من مصوت إنما نحن مصلحون وهم في حقيقتهم مفسدون مخربون في طرفي النقيض يعمهون، قد اتخذت كل طائفة الأخرى وسيلة لتبرير مواقفها وتمرير مخططاتها والله أعلم بما يوعون طرف يكفر المسلمين وطرف يريد من المسلمين أن يكفروا أهل هوى لا يقتصون اثر نبي ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب يأخذون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، المعروف عندهم ما عرفوا والمنكر ما أنكروا مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم وتعويلهم في المهمات على آرائهم كان كل امرئ منهم أمام نفسه قد أخذ منهم فيما يرى بعري ثقات وأسباب محكمات إلا فلتجب صيانة الدين من عبث العابثين واحاطة الشريعة بسياج يمنع عنها اللاعبين.
|