** كتبتُ قبل أيام عن هموم بعض المدن مع محافظيها.. وكيف أنَّ بعض المحافظين.. مخلصٌ مجتهدٌ.. يحترق من أجل المحافظة.. ويعمل ليل نهار.. ويواصل آخر الأسبوع بأوله.. ويسافر هنا.. ويراجع هناك.. جاعلاً همه وهاجسه.. هو شئون وشجون المحافظة.. وكيف أنّ بعضهم.. يعتبر الوظيفة.. لمجرد (الترزز والتشخيص) و(تسليك) الأمور الخاصة.
** بعض المحافظين و(لا يهون بعض الوكلاء) بينه وبين المحافظة.. الدوام الرسمي.. ومتى انتهى الدوام.. أغلق جواله و(تَوَزَّى) في أي مكان.. إما في المزرعة.. أو في بيته.. أو ذهب إلى أي مكان.. ولا أحد يدري.. أين هو.. إلا صباح الغد.. عند العاشرة صباحاً أو في حدودها.
** أما الخميس والجمعة.. فلا تسألوا عنه أبداً (ِيخْفَسْ بِهْ) كما يقول العوام.
** والبعض الآخر.. لا يكفيه الهروب في غير وقت الدوام.. بل يضيف له.. السبت والأربعاء.. وما تيسَّر من أيام الأحد والاثنين والثلاثاء..
** وبعض المحافظين.. مخلصٌ مجتهدٌ.. هاجسه وهمه.. عمله وشئون البلد.
** يواصل الليل بالنهار.. ولا يغيب أو يتأخر.
** يرد على جواله في الدَّقة الأولى.. حتى إذا انشغل.. اتصل فوراً.. بمن اتصل به..
** يجده المراجعون والضيوف في أوقات الدوام أو في غيرها.
** تجد لديه قائمة بمشاريع وحاجيات المحافظة..
** هو موسوعة ومرجع في المحافظة.. يعرف كل شيء عنها.. يتابع من وزارة إلى أخرى.. ومن جهة إلى أخرى.. ويجتمع بمسؤولي الدوائر بالمحافظة.. ويعرف عن عملهم.. أكثر مما يعرفون..
** يتحدث عن المحافظة.. شبراً شبراً.. وتاريخياً وجغرافياً.. ومشاريع.. ويعرف حتى الشِّعبان والأودية والجبال والسهول والأشجار..
** أما البعض الآخر.. فكلما تسأله.. يلتفت لمن حوله.. لعلهم يجيبون.. لأنه لا يعرف أي شيء.. ولا يريد أن يعرف.
** بعض المحافظين.. همه وهاجسه.. أموره الخاصة.. فهو يتابع أراضيه.. ومزارعه.. واستراحاته.. والخلفات والأغنام ومحطات البنزين والمطاعم العائدة له.. والمخيمات والكشتات أو (يزرق) المدن المعروفة (آخر الأسبوع).
** بعضهم.. كل مراجعاته لمكتب الاستقدام.. ومكتب العمل.. ومكاتب العقار..
** والوظيفة.. مجرد سلم لقضاء حوائجه.. وتمرير احتياجاته.. وتسليك أموره فقط..
** بعض المحافظين.. شعلة نشاط.. لا يكل ولا يمل.. ولا يفتر ولا يرتاح.. منزله لا يخلو من الضيوف..
** وبعضهم.. له ثلاث.. أو خمس سنوات.. لم يلفظ بكلمة (اقْلِطْ) ولم يدخل بيته سوى أولاده.. والخادمة.. والسَّواق وزوجاته فقط..
** بعض المحافظين.. يهتم بشئون المحافظة.. أكثر من أولاده وبيته وسائر أموره..
** وبعضهم.. لا يعرف أي شيء عن المحافظة.. ولا يريد أن يعرف.. ومع ذلك.. فكلاهما.. في وظيفة واحدة.. ومزايا واحدة.. بل ربما رُقِّي أو (رُشِّح) المترزز.. وهذا المخلص.. بقي في موقعه أو (قُوعد).
** تزور بعض المحافظات.. فتجد بصمة المحافظ.. فهذه مغبرة.. تستقبلك العشاش.. والخردات.. ومخلفات البناء.. ومستودعات التِّبن.. وتغادر.. وتودعك مزرعة دواجن.. أو حوش خلفات أو.. ورش حدادة..
** وبعضها.. تفوق (ماربيا) جمالاً وروعة و(تْحاكِي) نفسك وتقول (أنَشْهَدْ.. إنْها ديرة رجاجيل).
** وما ينطبق على المحافظين.. ينطبق على رؤساء المراكز أيضاً.. فأكثر رؤساء المراكز.. لا يقيمون في نفس القرية التي يرأس مركزها.. بل يقيم في (ديرته) ويتردد حسب ما تيسَّر..
** وبعضهم.. عمره فوق الثمانين عاما.. وبعضهم مريض.. ساكن في المدينة.. ولا يذهب للقرية إطلاقاً.. ومن أراد الختم.. فعليه أن (يَمُرَّ) على (أخوه) أو.. ولده.. أو.. ابن عمه .
** بعض رؤساء المراكز.. ما يفكُّون الحرف على الإطلاق..
** وبعضهم.. مكروه من قبل الأهالي.. ومتى جاء (طاريه) في المجلس قال الجميع (قَطْعا).
** وبعضهم.. مهمته (تعقيد الشْوَش).
** وبعضهم.. همه وهاجسه.. أن يكون مع آل فلان ضد آل فلان وهكذا..
** كثير من المحافظين ورؤساء المراكز.. هم (حَكْيَةْ) الناس.. والكل يسأل.. ويتساءل.. كيف يُلقى القبض على شخص معه عشر حبات مخدر.. أو حزمة (قات).. وتريلة طولها مائة متر.. محمَّلة بالصواريخ والمتفجرات والقنابل.. تمرُّ وتصل إلى الرياض وكل المدن الكبرى؟
** أين.. وأين.. وأين.. ومن المسئول؟
** الجواب.. عند الخلفات.. وعند (اللاَّندكروزرات) وعند المخيمات.. وعند المساهمات.. آسف جداً... عند حلقات تحفيظ القرآن.. والسلام.
|