يمزح رجال القانون قائلين بأنهم التحقوا بمدرسة الحقوق هروباً من الرياضيات والعلوم. ولكن من الصعب تجاهل هاتين المادتين عند البت في أي دعاوى تتصل ببراءة الاختراع أو ما شابه.
ويعتبر دافيد فيجمان أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا أحد رجال القانون الذين لا يخجلون من الإصرار على أن القضاة يجب أن يسلّحوا بالمعرفة العلمية. وفي كتابه هذا معمل العدالة يبين كيف عملت المحكمة الأمريكية العليا من أجل دمج العلم بالقانون.
وقد لعب العلم دوراً مخزياً في قضايا المحكمة الأمريكية العليا في قرار دريد سكوت الذي يعود إلى عام 1857 والذي أيد العبودية قبل الحرب الأهلية. وفي القضايا المتصلة بالعرق والتطهير العرقي واعتقال اليابانيين -الأمريكيين، اعتمدت المحكمة على نظريات بدائية ومضللة.
وحتى عندما تصل المحكمة العليا للأمة إلى القرار الصحيح فإن الدليل الذي يعتمد عليه القضاة يمكن أن يكون واهياً كما حدث في قرار إلغاء العزل العرقي منذ خمسين سنة مضت. وهذا القرار كان الأول من نوعه الذي لعب فيه العلم الاجتماعي دوراً هاماً، ولكن بعد مضى خمسة عقود يتضح مدى ضعف بحث البروفيسور كيث كلارك باستخدام الدمى لبيان آثار الفصل على الأطفال السود.
إن المشكلة لا تتمثل فقط في الجهل أو نقص الثقافة. فالمحاكم في حد ذاتها يفترض أن تكون مؤسسات محافظة مقيدة بالسوابق ولا تميل إلى المناهج الجديدة. ويتساءل فيجان وله كل الحق، كيف يمكن للمحكمة أن تعتمد على الحقائق العلمية لبناء السوابق إذا كانت هذه الحقائق يمكن أن تتغير مع تقدم المعرفة العلمية؟
ولسوء الحظ، أن هذا الموضوع يتضاءل مع تقدمنا فصلاً بعد آخر مع التاريخ الطموح للدستور الأمريكي الذي بدأ قبل توقيع هذه الوثيقة. ويصحب المؤلف القراء في رحلة عبر أروقة المحاكم وكذلك شخصيات قانونية يميل إليها التاريخ بدرجة أقل.
ولا يبدأ الكاتب بالتطرق إلى موضوع العلم إلا في الثلث الثاني من الكتاب.
وقام فيجان بالالتقاء بثلاثة قضاة من تسعة من قضاة المحكمة العليا وهم جون بول ستيفنز وساندرا داي أوكنور وستيفين برار. وهم لا يقدمون وجهات نظر مفصلة ولكن إجاباتهم المتصلة بكيفية وجوب اعتماد المحكمة على الحقائق العلمية تلقي الكثير من الضوء على الموضوع. وكان من الأفضل أن يتيح لهم فيجان مساحات أكبر بدلاً من إفساح المجال لتوافه تاريخية.
الكتاب: Laboratory of Justice: The Supreme Court's 200-Year Struggle to Integrate Science and the Law
المؤلف: David L. Faigman
الناشر: Times Books; 2004 |