تنشر بين أفراد المجتمع معتقدات وأوهام حول بعض الأعشاب، وبعض أنواع الأغذية التي يُطلق عليها جُزافاً أنها تُطيل العمر! وغالباً ما يُعزى طول عمر بعض الأشخاص في القرى النائية إلى تناولهم أصنافاً معينةً من الأغذية أو اتباع نظام غذائي خاص، ويتناقل أفراد المجتمع وصفات وطرقاً غذائية توصف بالمثالية.
والحقيقة أن الصرعات الحديثة في اتباع نظام غذائي قد يؤخذُ منها ما يفيد ويستبعد ما ينفع، ولكنها لا تؤخذ مسلمات، على أننا لا ننكر مدى أهمية بعض الأغذية ولا سيما الطبيعية منها، ولابد من الاعتراف أنها قد تجنبنا الأمراض، وهو ما نسعى إليه، بأن نكون أصحاء نفسياً وجسمياً، أما مسألة إطالة العمر فعقيدتنا الإسلامية تعتمد على ثوابت تدحض هذه الافتراءات حيث إننا نجزم أن لكل أجل كتابا، والأعمار طولاً أو قصراً هي بيد الله عزّ وجل.
ولعل العتب يطول على بعض الصحف التي تروج لمثل هذه الادعاءات حيث تنشر بين آنٍ وآخر إحصائيات تدّعي أنها موثقة بأن السهر يؤدي إلى الموت، كما أن النساء أطول أعمارا من الرجال بسبب وجود الحليب لدى النسوة، ويمتد الأمر للحيوانات الثديية أو التي تبيض، ويغرقون في الأوهام حيث يجعلون لبعض الدول أو الأماكن ميزة طول العمر دون غيرها نسبة إلى الجو أو رفاهية العيش وارتفاع دخل الفرد أو انعدام الحروب، كما أنهم يطلقون إشاعات حول عدد إنجاب الاطفال وعلاقته بطول العمر، وقد تقولون: نعم إننا نقرأ ذلك في الصحف ولكننا نعلم أنه (كلام جرايد)!! فهل يعني ذلك ألا نصدق أقوال الصحف وما تنشره؟ إذاً لِمَ العناء إذا فقدت المصداقية؟ وأين أمانة الكلمة للكتّاب المسلمين بالذات؟ أما أن ننشر ما تقذفه نفايات مطابع العالم وما تبثه وسائل إعلامها من محطات تلفزيونية وإذاعية وصحف وكتب وجرائد، فأين تميزنا عنهم بالتحقق من كل ما ينشر؟ ونحن الذين أُمرنا بذلك من خلال قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}!! نعم قد تصيب من يقرأ هذه المعلومات بجهالة إما باتباع بعض النصائح الطبية التي ليست على أساس علمي أو تحتمل التأويل، إضافة إلى أن ما يصلح لقوم وأمة قد لا يصلح لجماعة في مكان أو زمان متغير!!
وإن كنا مطالبين بمحاربة التفكير غير المنطقي، وما ينتج عنه من كتابات غير مسؤولة فنحن ننشد الرحمة بنشئنا الصغير الذين أصبحوا يقرؤون كل ما ينشر على أنه من الأمور المسلمة، ويصبح لديهم حيرة بين ما يقرؤونه، وما يعيشونه في الواقع! والأجدر بنا أن نستهجن ذلك من خلال إضافة عبارة (استشر طبيبك) أو كلمة تحذير بين السطور ولا سيما في الموضوعات التي توجه للنشء وهم الفئة المستهدفة مثل ما هو ملاحظ في الدعايات والأخبار كما في الدعوة الى استخدام كريمات الوجه التي تعيد الشباب للوجه، و تغير لونه حسب لون الفستان أو الحذاء أو الحقيبة، أو نشر تقليعات تطويل العظام بعدد من السنتيمترات، فيهرع أبناؤنا الى مراكز بيع الوهم بأموال طائلة!
وما دامت الصحف والمجلات هي منبر الأمم ومصدر المعرفة، ومرجعاً لاستقاء المعلومة فعليها أن تعي دورها وتتحمل المسؤولية تجاه كل شخص اعتبرها كذلك، وإن لم تستطع أن تحترم القارئ بمعلومة صحيحة فقد تخسره يوماً، هذا في الدنيا، وفي الآخرة هو الخسران المبين!!
rogaia143@hotmail.ocm
ص.ب 260564 الرياض 11342 |