* أتاوا - تهاني الغزالي:
يعد الشاي أحد معالم الضيافة عند معظم شعوب الأرض رغم الاختلافات الجذرية بينها، وصار لشربه طقوس وتقاليد، كما أنه يعد مشروب الأغنياء والفقراء على حد سواء، ويقول الشاعر عن الشاي:
من سقى ضيفه الشاي أكرمه ولا يلام وإن قلت فوائده
وعرف العالم مشروب الشاي وخواصه المنبهة والمنشطة منذ عام 550 قبل الميلاد بينما عرفه العرب في القرن التاسع عشر الميلادي - كما نسجت حوله الأساطير حتى اعتقد الصينيون أن الماء لا يظهر إلا إذا غلي بأوراق الشاي.
حول الشاي وفوائده ومحاذيره كان التقرير التالي:
إن أول من اكتشف الشاي هو إمبراطور الصين سنة 3254 قبل الميلاد حين كان يجمع من غصن شجرة الشاي زهوراً يغليها بالماء لصبغ الأقمشة فسقطت ورقة من الغصن في الماء المغلي فغيرت من لونه فأعجبه لونه وذاق الماء فاستساغ طعمه وشرب منه، وما لبث أن استشعر أنه أحسن حالاً وأكثر نشاطاً فكان أول من شرب الشاي.
ولكل شعب تقاليده الخاصة لشرب الشاي.. ففي الصين قديماً كانت الفتيات يقمن بجمعه ويبدلن فساتينهن كل يوم ويغطين أيديهن بقفازات جديدة في كل صباح ويعطرن ثيابهن وكن يقطفنه وهن صامتات. ومن شدة تعلق اليابانيين بالشاي أقاموا مدارس لتدريب ألوف اليابانيات على تقاليده التي ابتكرها (سن ديكو) وتعد الفتاة التي تجيد تقاليد حفلات الشاي أفضل من أي فتاة أخرى جميلة لا تعرف شيئاً عن تقاليد وعادات هذه الحفلات.
ويشرب أهالي التبت الشاي بعد خلطه جيداً بالملح والزبدة حتى لا يصابوا بالبرد ولهذا يحرص التبيتيون على تناول خمسين قدحاً من الشاي يومياً. والأفغان يتنافسون أيضاً على شرب الشاي فقد يصل مقدار ما يحتسيه الأفغاني خلال ساعة واحدة إلى خمسة عشر قدحاً من الشاي، ولهذا انتشرت المقاهي التي تقدم الشاي في المدن وعلى جوانب الطرق التي يجتازها القوافل والمسافرون، وفي روسيا يباع الشاي على شكل ألواح شبيهة بالشيكولاتة وبعض الروس يفضلونه مخلوطاً بالليمون على حين يفضله البعض الآخر بصفار البيض والسكر ثم تحريكه كي يتم الامتزاج بين العناصر الثلاثة على ألا تطول مدة وضع الماء فوق الشاي. وينصح الروس بشرب الشاي في أواني مصنوعة من البورسلين لخاصيته المدهشة في حفظ طعم المشروب وعطره. وفي المغرب يدمنون تناول الشاي الذي يسمونه تاي ولا يشربون إلا الأخضر منه ويستوردونه من الصين ويضعون الشاي مع كمية كبيرة من النعناع. ولهم طريقة مختلفة في صنعه فهم يضعون الشاي الجاف في البراد ويصبون عليه الماء، ليغسلوه من التراب، ثم يلقون به في الماء وبعد ذلك يقلبون الشاي والنعناع معاً ويسرفون في وضع السكر. ومن الأمور الطريفة المرتبطة بالشاي في المغرب أن العريس يهديه لعروسه ضمن هدايا الزواج.
ويعد الشعب الليبي أكثر شعوب العالم شرباً للشاي الأسود ويسمى باسم الزردة. أما الإيرانيون فيشربونه طوال الوقت وذلك بوضع قطعة من السكر في الفم ثم يشربون الشاي بعدها. وفي إنجلترا كان من يشرب الشاي بصفة مستمرة يعد مدمناً ومن يشربه أمام النساء يعد قليل الحياء، وتعد الملكة كاثرين دي بورتغال زوجة شارل الثاني أول من عممت عادة شرب الشاي في إنجلترا, وخفضت أسعاره حتى أصبح في متناول الجميع ومنذ ذلك الوقت أصبحت إنجلترا بلد الاستهلاك الأساسي للشاي ولهذا تعد لندن أكبر سوق للشاي في العالم، كما أصبح للإنجليز تقاليدهم في شرب الشاي التي لم يغيرها الزمن.
وعن فوائد الشاي قالت السيدة نورة المزهر أخصائية التغذية: إن الشاي له فوائد عدة منها أنه مفيد لتنبيه الأعصاب وإدرار البول وإزالة الشعور بالإرهاق ويساعد على الهضم ومقاومة الحر ودفع العطش فهو مفيد أيضاً للصائم خاصة بعد تناول الوجبة الدسمة ولهذا تنصح بتناول من 2 إلى 6 أكواب شاي في اليوم، لأن هذه الكمية تزود الجسم بـ 455 ملليجراماً من احتياجاته اليومية من الماغنسيوم المهم لتكوين العظام. ومن فوائده الأخرى أيضاً أنه يمنع الإصابة بتسوس الأسنان لأنه غني بمادة الفلوريد، ويساعد على الوقاية من تصلب الشرايين وأمراض القلب بالإضافة إلى أنه يمنع من الإصابة بالسرطان لاحتوائه على مركبات الفلافينويدات.
وحذرت الأخصائية نورة المصابين بالقرحة من كثرة تناول الشاي مع ضرورة تجنب تناول الشاي الثقيل لكونه يساعد على منع امتصاص الحديد من الطعام المهضوم.
كما تنصح بتفادي شرب الشاي أثناء تناول الطعام أو بعده مباشرة ويفضل أن يقتصر شربه بين الوجبات وخاصة الحوامل أو من يعانون بفقر الدم.
كما حذرت من تناول الشاي والمعدة خاوية أي عقب أذان المغرب مباشرة لما يسببه من تقلصات في المعدة.
وأكدت أن حفظ الشاي بالطرق الصحيحة يجعله يحتفظ بخواصه الصحية ولتحقيق ذلك لابد من حفظه في أوعية من المعدن أو البورسلين وأن يسد الوعاء بإحكام ويوضع في مكان جاف وكذلك وضعه في خزانة خالية من المواد ذات الروائح النفاذة.
وشددت على ضرورة أن يعد الشاي بطريقة صحيحة وذلك باستعمال الماء منذ غليانه ولا يترك حتى يفقد هواءه، ويبل إبريق الشاي بماء ساخن ويوضع فيه ملعقة شاي لكل شخص ثم يصب الماء الساخن فوقه ويغطى الإبريق مدة أو يوضع قرب النار إذا أمكن.
|