عرفت الأمير عبدالرحمن بن سعود - يرحمه الله - منذ أن أصبحت كرة القدم إحدى هواياتي ومصدراً من مصادر متعتي.
وعرفته أكثر عندما اخترت الهلال فريقاً مفضلاً أنحاز له، وأشجعه دوناً عن سائر الفرق والأندية، وعرفته أكثر وأكثر عندما بدأت أدرك أن فريق النصر هو المنافس اللدود لفريقي المفضل، وأن رئيسه الأمير عبدالرحمن بن سعود هو الذي يشعل جذوة الحماس بين الفريقين، ولاحظت انه يتولى نفخ هذه الجمرة كلما أوشكت أن تخبو أو تنطفئ.
وهكذا أدركت أن من أميز حظوظ الهلال منافسة النصر له، وأن من أبرز أسباب استمرار الهلال كأحد فرق المقدمة في الكرة السعودية هو وجود الأمير عبدالرحمن بن سعود على الساحة الرياضية، وقد أدركت أن الأمير عبدالرحمن بن سعود وهو صاحب الأفضال التي لا تحصى على فريق النصر وبالتالي الكرة السعودية؛ فإن له أفضالاً لا تعد على فريق الهلال وعلى عدد كبير من لاعبيه الذين صاروا نجوماً بارزة بفضل المناكفة والتصريحات المثيرة التي كان يطلقها سموه والتي تُدخِلْ المُستَهدَفين بها دائرة النجومية والبروز.
***
إن أفضال سمو الأمير عبدالرحمن بن سعود على الكرة أبعد من دائرتها الضيقة والمحصورة في فريقه المفضل (النصر) أو في منافسة الأبرز (الهلال) بل هي أفضال تمتد لتتعدى الكرة السعودية إلى الكرة الخليجية والعربية والآسيوية فلم يخلص أحد للكرة وهمومها وشجونها مثلما فعل الأمير عبدالرحمن ولم يُسِّخر أحد دقائقه وساعاته وأيامه وسنوات عمره لهذا العشق كما فعل الأمير عبدالرحمن حتى إن عشقه للكرة صار ملازما لشخصيته على نحو همَّش كل اهتماماته ومواهبه الأخرى.
***
لما دخلت في دائرة احتراف العمل الصحفي وتوليت حينا من الوقت مسؤولية الاشراف على الصفحات الرياضية في مجلة اليمامة، ثم لما بدأت كتابة بعض المقالات الرياضية، فإن ذلك قد خلق حالة من الاختلاف مع الأمير عبدالرحمن بن سعود تبعاً لاختلاف الميول وعليه فإن ذلك قد أفرز بعض الصدامات الكلامية والكتابية في حينها، وكنت كلما التقيت بالأمير عبدالرحمن بن سعود شخصياً يبادرني بالسلام والاحتفاء ثم يدعو لي - مازحاً - بالهداية التي تعني أن أتحول من ظلامة تشجيع الهلال إلى نور اليقين المتمثل في تشجيع النصر، لقد كان - يرحمه الله - لوذعي اللسان أبيض الطوية سريع البديهة، ساخراً بارعاً، وكان في لسانه قلم ومحَّاية، بحيث يتحول عن خلافه معك بسرعة عجيبة وقد يعود بحيث تستمر العلاقة متحولة بين القلم الذي ينتقدك والمحاية التي تمسح ما كان قاله بالأمس.
لقد كنت أختلف مع الأمير عبدالرحمن بن سعود - يرحمه الله - في كثير من مواقفه وآرائه الرياضية وكذلك الحال مع كثير من المنتسبين للوسط الرياضي الذين اختلفوا معه واختلف معهم، لكن ذلك كله كان وقوداً للتطوير والتغيير نحو الأفضل في محيط الرياضة السعودية التي عايشها الأمير عبدالرحمن بن سعود لاعباً ومشجعاً ورئيساً وعضواً وخبيراً وكاتباً على امتداد أكثر سنوات عمره، وليس عليّ وقد أفضى إلى ما قدم إلا أن أقول: لقد فقدت الكرة السعودية والعربية برحيله نكهتها وملاحتها وظرفها، وأكسير تنافسها الذي كان يؤججه حضوره الجميل والمستمر.
أخيراً : الله يحلله ويبيحه، ويغفر له، ويرحمه ويسكنه نعيم جناته.
|