..كنت أنظر إليها وهي تعاني صراع الاحتضار.. لكن يديّ مقيدتان.. لم أتمكن من تقديم أدنى عون لها.. ترفع يديها ملوحة لي.. كنت أعلم أنه الوداع.. وأنها سترحل إلى هناك.. حيث الحياة الصامتة التي تنتظر مجيئها.. أردت أن أهبها تلك الأمانة التي عمدت جاهدة على إخفائها.. وأدركت أنه قد حان الوقت للكشف عنها.. لكنها لفظت انفاسها الأخيرة.. قبل أن تهنأ بها.. وماتت في مهدها.. كانت وفاتها قبيل الغروب.. وكفنها قطعا من سواد الليل الحالك.. احتضنتها وقد عانقت أدمعي أشلاء صمودها.. غربت بوفاتها شمس سعادتي.. ومات بموتها الأمل الذي أعيش على ركابه.. ورحلت.. مضى على رحيلها الكثير غير أني ما زلت أعاني لوعة فراقها.. كانت خير نذير لي.. علمتني أن كل شيء في طريقه إلى الرحيل.. وأن أولئك البشر قد انتشلوا الحياة من كل عرق ينبض بالدماء في جسدها وماتت في مهدها.
|