Friday 30th July,200411628العددالجمعة 13 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

لماذا لم يستفد إلا القليل من المبادرة الملكية؟ لماذا لم يستفد إلا القليل من المبادرة الملكية؟
يوسف بن محمد العتيق

هذا السؤال لا شك أنه دار كثيراً في المجالس والمنتديات على شبكة الإنترنت والبرامج الفضائية... لماذا الذين سلَّموا أنفسهم لا يتجاوزون أصابع اليدين وجلهم من خارج قائمة الـ(26) الشهيرة؟
وكثر هذا السؤال بعد انقضاء المهلة، حيث بلغ عدد من استفاد من هذا العفو ستة أشخاص فقط، ثلاثة منهم من المطلوبين من الموجودين بالداخل والثلاثة المكملون للستة هم من المطلوبين بالخارج.
يبقى هذا السؤال قائماً وعلامة الاستفهام بادية على الوجوه عند كل حديث عن العفو لذا سأحرص على توضيح ما أراه كاشفاً لبعض الغموض للقراء الكرام من خلال ما شاهدته من خلال أدبيات وأطروحات هذه الفئة ونصوص بعضهم مع تحليل أظن والله العالم أنه قريب من الصواب.
وقبل الولوج في هذا الموضوع يجب أن لا نقف كثيراً عند عبارة ذكرها البعض وهي أن مبادرة العفو لم تصلهم، فهذا القول عار عن الصحة وبعيد عن الصواب لوجهين:
الأول: أنهم وفي مواقعهم الرسمية على الإنترنت ناقشوا هذا العفو من أول أيامه وتحدثوا عنه كثيراً، بل إنهم أصدروا عدة بيانات تحذِّر من هذا العفو أو الاستفادة منه بحجج واهية وأعذار قد سوَّلتها لهم أنفسهم وهم حينما يقومون بذلك إنما يقصدون إرهاب مَن قد ينوي من صغار أتباعهم الاستفادة من هذه المبادرة.
الثاني: أنه من غير الممكن عقلاً أن يصل العفو إلى أشخاص مقيمين على الحدود بين دول أفغانستان وإيران والعراق وسوريا ولا يصل إلى أشخاص مقيمين بين الرياض والقصيم وجدة وأبها، وعلى سبيل المثال المطلوب العمري يذكر صراحة أنه كان مقيماً طول فترة هروبه بين الجبال وبعيداً عن أعين الناس ومع ذلك وصلته أخبار المبادرة والعفو.
فقضية أن المبادرة وصلتهم لا تحتاج إلى طول حديث في تأكيد ذلك.
أما لماذا لم يستفد هؤلاء من المبادرة فذلك يعود لعدة أسباب منها فيما أعلم:
1- أنهم يرون أنفسهم على حق وأن الأعمال التخريبية التي يقومون بها جهاد فتسليم النفس في نظرهم خيانة لمبادئهم، وارتداد عن الحق(!)، وهذا ما نص عليه أكثر من شخص منهم، والحق يقال أن هناك كثيراً ممن انحرف عن جادة الصواب من الطوائف الإسلامية يقدم على الموت والانتحار دون جلسات تأمل مع النفس وهو يظن نفسه على الحق.
ولعل سلف هؤلاء هم طائفة الخوارج الذي بلغوا مبلغاً كبيراً في التعبد وهم من شر الناس وقد تكاثرت النصوص الشرعية في ذمهم والتحذير منهم، فليس كل من ادّعى أنه على حق يكون على حق، وإلا لما كان في الدنيا حق وباطل ولما كان هناك صراع بين الخير والشر.
2- ومن أقوى ما يمنعهم من تسليم أنفسهم وعدم الاستفادة هو أنهم قد وقعوا من رأسهم حتى أخمص قدميهم في الدماء البريئة والعبث بالحق الخاص من ممتلكات وغيرها فهم يرون أنهم غير مخاطبين بهذه المبادرة، فهم قتلوا المسلمين كما هو الحال بغير المسلمين، فمن كان يعرف من نفسه ذلك فهل يقدم على تسليم نفسه؟
فحتى لو طرح عنهم ولي الأمر الحق العام فيبقى الحق الخاص وهم لا يعلمون أن كل شيء بيد الله، وأن هناك أكثر من مواطن ومقيم مستعد أن يتنازل عن حقه الخاص مقابل أن يقضى على هذه الفتنة، كما هو الحال بوالد الطفلة وجدان الكونديري التي قضت في حادثة الوشم، حيث أسقط حقه الخاص.
3- ومما يردع هذه الفئة عن تسليم أنفسهم هو تواصيهم فيما بينهم بذلك أو نقل رهبة كل واحد منهم الداخلية والنفسية من صحبته الذين يفضِّلون قتل صاحبهم على تسليمه نفسه.
4- ومن هذه الأسباب جنون العظمة، فبعضهم قد خيّل له الشيطان أنه بالفعل مجاهد وأنه هو الطائفة المنصورة وأن الأمة كلها ما بين منحرف أو مرتد عن الدين سواه، ودعني أقولها بكل صراحة إن بعض وسائل الإعلام المحلية وكثيراً من وسائل الإعلام الخارجية جعلت من هؤلاء الشباب أبطالاً لا يقهرون وأعطتهم من الأوصاف الشيء الذي جعلهم يزدادون سيراً في هذا الطريق، فما بالك بشاب في مقتبل العمر يجد صورته وأخباره تسابق صور زعماء العالم في نشرات الأخبار الرئيسية، وحينما يجد أن الفضائيات تخصص الوقت الأطول من برامجها للحديث عن مضامين كلامه هل مثل هذا الشاب يتنازل عن الشهرة بسهولة حتى لو كانت هذه الشهرة مسمومة أو زائفة، وحتى لو كانت شهرته على جماجم الأبرياء ودماء الصغار والأطفال والمساكين.
5- سوء الظن والخوف من الأجهزة الأمنية، وهناك من يعتقد أنه بمجرد تسليم نفسه سيفصل رأسه عن جسده بعد تعذيب وتنكيل، والغريب أن بعض هؤلاء لا يستفيد من تجربة من سبقه مثل علي الفقعسي ومنصور فقيه اللذين بالفعل استفادا قبل المبادرة، ومثل العمري الذي تحصل وأسرته بعد تسليم نفسه على ما لم يكن في الحسبان من سداد الديون والمعاملة الطيِّبة، ومثل ذلك الحربي الذي مُنحت زوجته الجنسية وتكفلت له الدولة بمخصص شهري وغير ذلك، والمهم الذي يجب أن يعرفه هؤلاء أن الدولة راغبة في تصحيح أوضاعهم وأن ترد الحق إلى أصحابه دون ظلم أو تعدٍ.

للتواصل: فاكس : 2092858


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved