كان يوم الأربعاء دموياً طوال ساعاته الأربع والعشرين في العراق ، فهو قد بدأ بمذبحة في بلدة بعقوبة التي خلفت وحدها 70 قتيلاً ، إلا أن اليوم انتهى بـ 120 قتيلاً بينهم باكستانيان تم اختطافهما ثم ذبحهما ، وكان يتعين على الشركة التي تقوم بتشغيلهما الانسحاب وإلا تم قتلهما ، وقد كان.
وهناك سيوف مسلطة على رؤوس تنتظر الآن تنفيذ هذه الأحكام الجائرة ، وهناك عراقيون أبرياء طلقاء ، سرعان ما يتحولون إلى جثث هامدة خلال اللحظات او الساعات القادمة في الشوارع او الأسواق او أقسام الشرطة او حتى المساجد ، وهناك بلد كامل بانتظار الإعدام ، وأمة كاملة تترقب مصيرها لان جزءا عزيزا منها يجري تدميره وقتل انسانه ، ومن غير المعروف المصير الذي ينتظر الجميع ، الكل أبرياء ، لكن هناك من يتعقبهم بعد أن أتاح لنفسه حمل القانون بيده وتنفيذه أينما ومتى شاء ، من الصعب مطاردة أشباح تعمل في الظلام أو أناس يحومون بين الضحايا ، سرعان ما يتحولون إلى قنابل بشرية ، أو سيارات تكون رابضة في هدوء لكنها تطير فجأة في الهواء وتقذف الموت في كل صوب ، انه الجنون بعينه ، الذين يعيشون في قلب المأساة هم الأكثر إحساسا بفداحة ما يحدث ، لكن نيران الفجيعة تطال الجميع ، حتى هؤلاء الذين يقبعون وراء الحدود ، في المحيط العربي والإسلامي ، فهؤلاء أبناء جلدتنا وهذا البلد الذي يحترق وتتآكل أطرافه هو ارض عربية إسلامية ، والفجيعة الكبرى في ضياع العراق واهل العراق ، لان البعض يريد أن يرى زوال هذا الجزء المهم في الأمة العربية والإسلامية ، الذين يتطلعون بل يعملون من أجل زوال العراق تتسع طموحاتهم لتفتيت كامل هذا الكيان الكبير ، الذي يضم الأمة العربية.وما يجري في العراق قد يكون من صنع أطراف كثيرة ، ولا نستثني حتى أبناء جلدتنا العرب والمسلمين ، لكن المستفيد النهائي والمستفيد الكبير مما يحدث هم أعداء الأمة العربية والإسلامية ، وهم الذين يغذون مؤامرات الفناء والدمار للعراق ، وإذا تم تدمير العراق ، وهو الأمر الذي يمضي قدما الآن ، فان أطماع هؤلاء ستتجه إلى ضحية أخرى ، إلى شعب آخر وارض عربية أخرى ، خصوصا إذا رأى هؤلاء أن الأشقاء والاخوة لا يهرعون إلى نجدة الشقيق ، والمثل القائل (أُكِلْتُ يوم أُكِل الثورُ الأبيض) ، ليس بعيدا عن الذاكرة .
|