شدة الحر مؤذية، كما أن شدة البرد مؤذية أيضاً، وحرارة الشمس ولهبها تجعل الناس يبحثون عن ظل يقي حرها، أو ماء بارد يخفف لهبها، لذا كان من كمال نعيم أهل الجنة أنهم لا يجدون الحر ولا يرون الشمس كما لا يجدون شدة البرد، ظل دائم واعتدال في الهواء، لا حار يلفح، ولا بارد يلسع {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا}.
إن شدة الحر في الدنيا تذكر بحر الموقف العظيم يوم القيامة، كما تذكر بحر نار جهنم وكلما اشتد الحر في الدنيا كان ذلك أشد وأدعى للتفكر والتذكر.
يقول عثمان رضي الله عنه: لو أني بين الجنة والنار، ولا أدري إلى أيتهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير).
والخوف من النار يدفع المسلم إلى عمل الصالحات، واجتناب المحرمات، والأخذ بأسباب النجاة، ألا وإن من هذه الأمة أقواماً لا يحزنهم الفزع الأكبر فهم آمنون، بل لا يحسون شمس الموقف القريبة من الرؤوس فهم محفوظون ولا يجدون حرها وسمومها فهم منعمون، ذلك لأنه كانت لهم في الدنيا أعمال صالحة أوصلتهم إلى ظل الرب تبارك وتعالى، ومنهم السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والذي ينظر المعسرين (من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله)، ومنهم أهل الصدقات، وكثرة الدعاء أيضا سبب من أسباب النجاة من عذاب الله تعالى: (ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار) فبادر أخي بالإقبال على ربك والبعد عن مساخطه.
ولو أنا إذا متنا تركنا
لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا
ونسأل بعدها عن كل شي |
( * ) الرياض |