معلوم أن سفرَ المرأةِ وحدَها دونَ محرمٍ منهيٌ عنه، كما في الحديثِ الذي رواه أبو هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -: (لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ تسافر مسيرةَ يومٍ وليلةٍ إلا مع ذي محرمٍ عليها) متفقٌ عليه. حتى لو كانت حاجّةً؛ كما جاء في الحديثِ الآخرِ الذي رواه ابنُ عباسٍ - رضيَ اللهُ عنهما - عن النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم -: (.. ولا تسافرُ المرأةُ إلا مع ذي محرمٍ): فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ إن امرأتي خرجت حاجّةً، وإني اكتتبتُ في غزوةِ كذا وكذا؟ فقال: (انطلقْ فحجَّ مع امرأتِك) متفقٌ عليه.
والملاحظُ تساهلُ بعضِ الناسِ في هذا الأمرِ؛ فالمسافرُ بالطائرةِ بين مدنِ المملكةِ، والمسافرُ بالقطارِ يرى عدداً من النساءِ ركبن وحدَهن دونَ محرمٍ، وكان هذا سبباً في تعرّضِ بعضِهنّ للمضايقةِ، والأذى من بعضِ ضعافِ النفوسِ، بل إنّ بعضَ النساءِ - هداهنّ اللهُ - تبدأُ بمغازلةِ الشبابِ بلباسِها ونظراتِها وضحكاتِها، وتفتنُ مَن يراها؛ ممّا يوجبُ الأخذَ على يدِها وحمايتَها.
وهنا تتبينُ لنا أهميةُ وحكمةُ التوجيهِ النبويِّ الكريمِ بتحريمِ سفرِ المرأةِ وحدَها، لضعفِها، ولأهميةِ وجودِ مَن يحميها؛ فلمْ نسمعْ أو نرَ مَن يتعرضُ لامرأةٍ ومعها محرمُها. والشيطانُ يستغلُ وجودَ المرأةِ وحدَها ليفتنَها أو يفتنَ بها؛ فهي من أعظمِ وسائلِه لإغواءِ الشبابِ وإيقاعِهم في الحرامِ؛ فيبدأُ بتزيينِ الرجلِ للمرأةِ والمرأةِ للرجلِ، وضحاياه كثيرٌ، وللأسفِ الشديدِ - نعوذُ باللهِ من شرِّه.
لذا.. كان من الواجبِ سدُّ هذا البابِ لحمايةِ نسائِنا من الوقوعِ ضحايا الإهمالِ أو التساهلِ. وإذا كنا نثقُ في نسائِنا فهل نثقُ في الآخرين؟ وإلزامُ المرأةِ بوجودِ محرمِها صحيحٌ أنه يكلفُ كثيراً، ويأخذُ من الرجلِ جهداً، ولكنه قليلٌ مقابلَ حمايةِ الرجلِ عِرضَهُ.
وقفة:
أصُونُ عِرضي بمَالي لا أدنّسُهُ
لا باركَ اللهُ بعدَ العِرضِ بالمَالِ |
|