* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصرى :
لأول مرة منذ إنشائها من عشرين عاما تنظر محكمة تسوية منازعات الاستثمار التابعة لجامعة الدول العربية - التى تشكلت منذ نحو عشرين عاما n بمقرها فى المعادي بالقاهرة أول قضية لها ، لحسم النزاع القائم بين شركة (تنمية) للاستشارات التسويقية والإدارية n إحدى أبرز شركات الاستشارات والاستثمارات السعودية- والحكومة التونسية ، وذلك في الاول من شهر أغسطس الأحد القادم ، والنزاع يدور حول الدعوى التى أقامتها الشركة السعودية إزاء إخلال الحكومة التونسية بالعقد الموقع معها فى 16-7- 1999 ، لاستثمار حقوق البث الإذاعى والتلفزي والإعلامي والإشهاري لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التى أقيمت بتونس 2001 وتوابعها.
وأكد المستثمر السعودي عادل بن صالح المداح رئيس الشركة السعودية أنه يطالب الحكومة التونسية بمبلغ 79 مليون و58 ألف و170 دولارا أمريكيا ، أي مايعادل 296 مليون و468 ألف و 138 ريالا سعوديا ، طبقا لما تضمنته لائحة الدعوى من مخالفات وأضرار مادية ومعنوية لحقت بالشركة خاصة بعد أن أنفقت الشركة أكثر من 30% من قيمة العقد حتى الآن.
وتبدأ المعاناة بين الجانبين بعدما وافق الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على تعاقد الشركة السعودية مع الحكومة التونسية فى يوليو 1999 ، لاستثمار حقوق البث الإذاعي والتلفزيوني والإعلامي والإشهاري لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التى أقيمت بتونس 2001 وتوابعها ، وأصبح العقد ساريا بعد أن تسلمت الشركة خطابا من الوزير الأول اعمالا لنص الفصل العاشر من العقد ، التي أقر تفويض رئيس اللجنة نيابة عن الحكومة التونسية للتوقيع على العقد ، ورغم أن العقد نص على أنه لم يسبق للحكومة التونسية أن تعاقدت بأية صفة حول موضوع هذا العقد مع أي طرف كان ، إلا أن شركة (تنمية) اكتشفت فى أواخر أغسطس 99 تعاقد الحكومة التونسية مع شركة الخطوط التونسية بنفس موضوع العقد قبل 4 شهور من إبرام التعاقد مع الشركة السعودية.
وقد حاولت الشركة السعودية حل الموضوع وديا ، فتم إجراء محضر بين طرفى العقد فى 15 -9-99 أقر فيها الجانب التونسي بالمخالفات والتزامه بتصحيح الوضع ولكن لم يتم الالتزام بذلك ، كما لم تلتزم الحكومة بالعقد ولم تنفذ أيا من التزاماته ، كما لم يفِ بتقديم عقد تأمين عالمي لصالح الشركة السعودية لتنفيذ أحكام الفصل السابع من العقد ، كما أدخلت الشركة السعودية وسطاء عديدين لإلزام الجانب التونسي بتعهداته فى مقدمتهم الدكتور أحمد السالم أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب فى حينه ، ووكيل وزارة الداخلية حاليا وسفير السعودية فى تونس ، ولكن لم تستجب الحكومة التونسية لكل الجهود.
وقد ادعى الجانب التونسي التزام (تنمية) بالعقد رغم اعترافه بمخالفتها للعقد بموجب محضر15-9-99 المشار إليه أعلاه ورغم إشعار (تنمية) له للالتزام بنصوص العقد ، ومع ذلك طلبت الشركة تدخل سفير السعودية بتونس بناء على طلب وزير الخارجية التونسي لإجبار (تنمية) على الدفع ، رغم أنها خالفت نصوص العقد بدءا بمقدمته ومرورا بالفصول الثالث والرابع والسابع منتهية بالرابع عشر ، ورغم جهود السفير لم تتمكن الشركة من الحل ، على الرغم من عرض (تنمية) حلا عمليا لإنهاء المشكلة.
ورغم أنه ورد بالعقد أن مسئولية الأمن هي من الالتزامات المطلقة المحمولة على الجانب التونسي بنص العقد الذى أورد فى الفصل الحادي عشر مانصه (مسؤولية التنظيم والتنسيق والأمن : إن مسئولية (تنمية) للاستشارات تنحصر فى الحقوق المخولة لها بموجب الفصل الأول والفصل الثالث من العقد بحيث يبقى خارجا عن هذا الوصف من اختصاص ومسؤولية اللجنة وحدها ، على ألا تتعارض مع نصوص هذا العقد وأغراضه) كما ورد فى الفصل الخامس عشر من العقد : (حسن النية فى تنفيذ العقد) : أن الجانب التونسي لم يوفر عنصر الأمن لمكتب (تنمية) من منطلق حسن النية ، ولكن أحدا لم يكن موجودا بالمكتب حين تم الاقتحام.
عقدت (تنمية) اجتماعا مع الوزير الأول لتونس بحضور السفير السعودي لحل المشكلة ، دون استجابة من الجانب التونسي رغم إشعاره بحادث الاقتحام ثم لجأت الشركة إلى التحكيم حسب نص العقد ، حيث بدأت هيئة التحكيم اعمالها فى 8-12-2000 ولكن قبل أن يقول التحكيم كلمته قام الجانب التونسي ومن طرف واحد بإلغاء العقد دون مسوغ قانوني بالمخالفة للفصل الرابع عشر من العقد.
ومع قبول (تنمية) بحكم الحكومة التونسية ، أقام الجانب التونسي دعوى لدى المحاكم التونسية n رغم مخالفة ذلك قانون التحكيم التونسي n بطلب إلغاء شرط التحكيم الذى وافقت عليه ضمن شروط أخرى فى العقد ، كما أقامت دعاوى طعون فى التحكيم وإجراءاته لدى محاكمها التى أصدرت أحكاما بإلغاء الشرط التحكيمى ، وإلغاء جميع قرارات التحكيم بتاريخ 11-6-2002 أي بعد 19 شهرا من بداية التحكيم ، رغم أن قانون التحكيم لديها ينص على البت فى مثل هذه القضايا فى وقت لايتجاوز الستة شهور ، رغم أن (تنمية) لجأت للحكومة السعودية للتدخل لحث نظيرتها التونسية على تطبيق القانون بحقها.
|