Friday 30th July,200411628العددالجمعة 13 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

كتاب وكاتب عن الإرهاب 3-3 كتاب وكاتب عن الإرهاب 3-3
د. محمد بن سعد الشويعر

في الحلقتين السابقتين، كنا في جولة فكريّة سياحيّة، مع الدكتور عبدالله السلطان في كتابه عن الإرهاب، الذي يبلغ 353 صفحة وخرج في طبعته الأولى عام 1424هـ مع أحداث الإرهاب التي مرّت بالمملكة وغيرها من الدول العربية والعالمية، وهو كتاب يستحق وقفات عديدة، لما فيه من معلومات جيدة عن الإرهاب.. ولكن يكفينا في حلقة اليوم الإمرار سريعاً بدولة الإرهاب: إسرائيل وما يتعلّق بها من صهيونية وجهاز المخابرات الموساد، وأسلحة هذه الدولة المدمّرة والجرثومية وغيرها، حيث أطلق المؤلف العنان لقلمه في أكثر من ثلاثين عنواناً في بحثه هذا، عن دولة الإرهاب إسرائيل وأعمالها السيئة.. ففي ص107 تحت عنوان إسرائيل إرهاب متواصل أورد شاهداً على لسان: أرملة اسحاق رابين حيث قال: ففي سبتمبر من عام 1998م التّفجيرات الفدائية التي نفذها فلسطينيون في قلب إسرائيل، نشرت بعض الصحف كلاماً لأرملة اسحاق رابين: لينا رابين: تضمن قولها: اليهود أيضا استعملوا الإرهاب، وشاهدة أيضا من اليهود أنفسهم هي: (نوريتا بيلد) مدرسة إسرائيلية في جامعة القدس، فقدت ابنتها البالغة من العمر 14 عاماً نتيجة العملية الفدائية التي نفذها الفدائيون في القدس فقالت: إن الفلسطينيين عاملونا بمثل ما نعاملهم، لكننا زرعنا بينهم إرهاباً أشرس مائة مرة مما يقومون به هم، وليس علينا أن ننسى أن كل عائلة فلسطينية، تضم بين أفرادها شخصاً قُتل أو جُرح، وكيف يمكن أن يكون موقف فلسطينيّ هُدم بيته بالديناميت، أو جُرفت أشجار مزرعته، إضافة الى قرى مُسحت بالكامل عقب حرب عام 1967م.
وفي حديثه عن إسرائيل: دولة الإرهاب ص115، أوضح تأصّل الإرهاب في تاريخ اليهود منذ القدم: فمنذ دخل اليهود فلسطين قادمين من مصر في سنة (1200) قبل الميلاد إلى (125) بعد الميلاد، ارتكب اليهود مذابح في فلسطين ضد الكنعانيين والفلسطينيين القدماء، وعاشوا معهم في صراع وإفساد إلى أن شتّت الرومان شملهم، في منتصف القرن الثاني الميلادي تقريباً.
وفي ص123 أوضح أنّ قتل إسحاق رابين الرئيس الأسبق بواسطة شاب يهودي ينتمي إلى جماعة يهودية متطرفة، إرهاب فيما بينهم لأن هذه الجماعة ترى في سياسة رابين السلمية عائقاً للتوسع في الأراضي العربية.
ثم استعرض المنظمات والحركات الصهيونية المتشددة في إرهابها ضد العرب والمسلمين.
وفي ص131 - 139 أورد نماذج من التخويف والإرهاب الفكري، وسياسة الابتزاز والضغوط وأصناف الكذب: ضد السياسيين والإعلاميين الغربيين وخاصة في الكونجرس الأمريكي والإدارة الأمريكية، وفي وسائل الإعلام وشركات السينما الأمريكية، بقصد توجيه عملهم لخدمة المصالح الإسرائيلية والصهيونية. وسياسة الابتزاز والتخويف والإرهاب هي سياسة استراتيجية ثابتة الاستمرار.
وفي هذا البحث قرن تلك الأعمال العديدة بشواهدها في أعمال شارون الذي لا تزال سياسته إرهابية، وأعماله في العنف والقتل، وهي نموذج لما قامت عليه هذه العصابة، حتى تحقق مآربها ومطالب من يدعمها.
ولئن كان يعتبر الإرهاب بصناعة غربيّة، في العمل والتحريض، تغذّيه وتفتح الأبواب أمامه في أربعة مقالات من ص177 - 196، فإن هذا مما يسّر للمشروع الصهيوني الإرهاب، وتوسع المؤلف في عشرة موضوعات طرحها تحت عنوان: المشروع الصهيوني - إرهاب الإرهاب من ص197 - 258 وهذا المشروع الصهيوني تبنّى سياسة الوعظ ضد الإرهاب، وأن العرب هم منبع الإرهاب، وتعاليم الإسلام هي التي تبنّت زرع الإرهاب، بقسط التستير على ما يقوم به الصهاينة واليهود من أعمال إرهابية وتغطية ذلك إعلامياً في قلب للحقائق على طريقة رمتني بدائها وانسلّتْ.
ولكي تحقق الصهيونية مآربها أسست جهاز المخابرات السري (الموساد) عام 1937م ويسميه بعض المنتسبين إليه: مزرعة الشياطين، ليكون ذراع تجسّس وإرهاب في تنفيذ سياسة الصهيونية ومخططاتها في عمليات هادفة في فلسطين والبلاد العربية والإسلامية، وقد فنّد ذلك وأعماله التي قام بها كنماذج في أربع حلقات من ص259 - 176 لكنه في ص277 أبان عن الولايات المتحدة وإسرائيل، بأنهما اعتادتا الوقوف ضد كل الجهود الدولية لتعريف الإرهاب، وقلّلتا من شأنه لمآرب خاصّة.
وفي تعرُّضه للإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، أوضح أن العقل يرفض الإرهاب، ولا تجيزه الأخلاق لكن المشكلة تتعقّد أكثر إذا ما تغيرت وسائل الإرهاب تبعاً للتطور العلمي والتّقني، واستطاع الإرهابيون أنفسهم، أو بمساعدة دول من إنتاج واستعمال أسلحة الدمار الشامل للقتل والتخريب أو التهديد والابتزاز... وأورد نماذج من الغازات السامة التي استعملت، حيث يساعد العناصر والجماعات الإرهابية في إنتاج الأسلحة الكيماوية والجرثومية سهولة صنعها، وإمكانية إخفائها عن الناس بشكل يسهّل السيطرة على صناعتها من قبل الإرهابيين، خاصة وأن الإنترنت يعلِّم الناس وهم في بيوتهم على كيفية صنعها واستعمالها، ما يعني أن وسائل الإعلام تعين على الإرهاب ووسائله. وهكذا تيسير السِّلاح النّووي والكيمائي والجرثوميّ لدى إسرائيل مما يجعلها موطن الإرهاب.
ولم يفت على المؤلف الإشادة بالمملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب، واهتمام أجهزتها الأمنيّة بملاحقة الإرهاب حيث بذلت الدولة جهوداً كبيرة وبأعمال عظيمة، في تجربة بدأت مع بدء توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، فقد قضى على الفتن، وقطع الطرق والخلافات القبليّة، التي كان غالباً ينشأ عنها عنف وإرهاب، وعندما طبّق رحمه الله الشريعة الإسلامية مع توحيد البلاد، والحدود والزواجر، استتبّ الأمن والاستقرار، ونمت قوى الأمن والدفاع، وتم تطويرها، إلى أن أصبحت مع الوقت قوة رادعة لمن تسوّل له نفسه الإخلال بالأمن..
ثم كانت الجهود من المسئولين في متابعة الإرهاب لما برز عياناً، في محاولة لاجتثاث جذوره والقضاء عليه بتوفيق من الله، فكانت سياسة المملكة ثابتة وهادئة في معالجة الأمور، وتضامن المواطن مع الدولة في تفهّم الأمر درءاً لأخطار الإرهاب، وأفتى العلماء جميعاً وتوحّدت الجهود في محاصرة الإرهاب والساعين فيه، بعد أن برزت أفكارهم المنحرفة، وأعمالهم المشينة تحدّث عن ذلك في حلقتين (ص141 - 153).
وقرن ذلك وفق فتاوى هيئة كبار العلماء: بأن الإسلام بريء من الإرهاب وأنه متصادم مع أوامر شرع الله، وبالنظرة الشرعية لما نتج عن الإرهاب من أضرار ومفاسد.. فالكتاب جيّد ومفيد وفيه بسط وشواهد ويستحق الوقفات الكثيرة المتأنّية عند العرض، لكنني أنصح القراء باستملاء ما فيه من معلومات وحقائق مقرونة بشواهدها، وتاريخها وآثارها وأضرار الإرهاب الذي يغذيه أعداء الإسلام، نكاية بهذا الدين وأهله ومحاربة لهم.
حكاية عجيبة
أورد التنوخي قصة الجرجرائي الوزير للمعتصم قوله: كنت أتولّى ضياع عجيف - أحد قواد الدولة العباسية.. فرفع عليّ أنى خنته، وأخربت الضّياع، فأنفذ إليّ من قيّدني، وأدخلت عليه في داره بسرّ من رأى، على تلك الحال، فإذا هو يطوف على صنّاع فيها، فلما نظر إليّ شتمني وقال: أخربت الضّياع، ونهبت المال، والله لأقتلنك. هاتوا السياط.
فأُحْضِرتْ وشلّحت للضرب، فلما رأيت ذلك، ذهب عليّ أمرى، وبُلْتُ على ساقى، فرآني كاتبه فقال لعجيف: أعزّ الله الأمير، أنت مشغول القلب بهذا البناء، وضرب هذا وقتله في أيدينا، ليس يفوت، فتأمر بحبسه، ثم تنظر في أمره فإن كانت الرفيعة صحيحة، فليس يفوتك عقابه، وإن كانت باطلة، لم تتعجّل الإثم، وتنقطع عما أنت مهتّم به.
فأمر بي إلى الحبس، فمكثت فيه أيّاماً.. وغزا أمير المؤمنين المعتصم: عمّوريّة. وكان من أمر عجيف ما كان فقتله، واتّصل الخبر بكاتبه فأطلقني فخرجت من الحبس، وما اهتدى إلى حبّة فضّة فما فوقها.
فقصدت صاحب الديوان بسرّ من رأى، وكان صديقي، فلما رآني سُرّ بإطلاقي وتوجّع لي من سوء حالي وعرض عليّ مالاً.
فقلت: بل تتفضّل بتصريفي في شيء استتر بجاريه عليّ.
فقلّدني عملاً بنواحي ديار ربيعة، فاقترضت من التجار لما سمعوا بخبر ولايتي، ما تحمّلت به إلى العمل وخرجت. وكان في ضياع عملي، ضيعة تعرف بكراثا، فنزلت بها في بعض طوافي بالعمل، وحصلت في دار منها، فلما كان السّحر، وجدت المستحمّ ضيقاً غير نظيف، فخرجت من الدار إلى تلّ في الصّحراء، فجلست أبول عليه، فخرج إليّ صاحب الدار، فقال لي: أتدري على أيّ شيء تبول؟. فلت على تلّ تراب. فضحك وقال: هذا قبر رجل يعرف بعجيف، قائد من قوّاد السلطان كان قد سخط عليه، وحمله معه مقيّداً، فلما بلغ إلى ها هنا قتل، فطرح في هذا المكان تحت حائط، فلما انصرف العسكر طرحنا عليه الحائط، لنواريه من الكلاب، فهو والله تحت هذا التلّ.
فعجبت من بولي خوفاً منه، ومن بولي على قبره. (الفرج بعد الشدة2: 27-28).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved