زياد الدريس يهزم التصنيفات الظالمة

حين تورط زياد الدريس في متعة الكتابة قبل حوالي عشرين عاماً ذهب إلى مجلة اليمامة.. كان يقابله في دهاليز المجلة رجل يجمع المتناقضات هادئ في سلوكه وحديثه، هائج في أفكاره وإبداعه، ثوري في رغباته وآماله، تقليدي في لباسه وهندامه.
جامع تلك الصفات هو (صالح العزاز) - رحمه الله.
يقول زياد الدريس: كانت هذه صفات تدعو إلى الإعجاب في توازناتها، لكنني كنت حينذاك ملزماً بأن أكره صالح العزاز؛ لأنني سمعت - أو أسمعت! - كلاماً (يحثني) على أن أكرهه؛ إذ هو ليبرالي وأنا محافظ، وكنت كلما قابلته في المجلة قابلني بالبشاشة والدماثة وحسن أدب لم نعد نذوق طعمه إلا في الأعياد والمناسبات.
ولم أجد بدّاً من أن أبادله الشعائر وليس المشاعر؛ فأنا ما زلت أجدني ملزماً بكراهية صالح حتى لو فرش لي الأرض ورداً وطيبا. كانت نفسي تضعف أمام لطفه وبشاشته؛ فأوشك أن أمنحه من قلبي بعض الحب والمودة، لكني في آخر اللحظات أتمالك قلبي قبل أن ينخدع بمعسول الكلام.. فهذا رجل حكم عليه بالكراهية!!
وفي عام 1413هـ كنت على السرير الأبيض في مستشفى خارج الرياض وزارني شقيقه، وقال إنه مكلف نيابة عنه بزيارتي لسفره خارج المملكة. كان ذلك الموقف صدمة هزت كل (القوائم التصنيفية) لديّ.
أمام هذا الموقف كان يجب عليّ أن أختار بين أن أكون إنساناً أو حجراً.. لكنني أخيراً اخترت أن أكون إنساناً؛ حتى أشعر بصالح الإنسان.