Thursday 29th July,200411627العددالخميس 12 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

في المسألة (البذخية) في المسألة (البذخية)
لنعش حياتنا بلا إفراط أو تفريط

ناقشت مجلة الجزيرة من خلال منتدى الهاتف مشكلة كبرى تزداد وتستفحل كل سنة ألا وهي البذخ في حفلات الزواج، فلطالما عجبت لماذا كل هذا الإسراف في تلك الحفلات من أجل ليلة واحدة، عشرات الألوف تذهب في بضع ساعات فقط، وأحياناً تنتهي هذه الزيجات بالطلاق، فلقد كثرت الطلاقات في مجتمعنا وقلت البركة في زيجاتنا هل السبب هو الإسراف؟.. هل ذلك مصداق لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة)، يجب إذن أن نحل هذه المشكلة كي تحل البركة في زيجاتنا كيف يكون ذلك؟ لكي نحل المشكلة يجب أن نعرف أسباب وجودها. إن سبب الإسراف- في نظري- هو حب التفاخر والتباهي، وكيف نزيل هذه الخصلة من قلوبنا، أرى أن علينا أن نقاوم هذه الصفة السيئة بطول التفكر في تبدل الأحوال وسوء المآل، والإنسان لا يبقى على حالة واحدة، نتفكر في أحوال من سبقونا عبر التاريخ والنظر في قصصهم، والقصص على ذلك كثيرة سأذكر بعضاً من تبدل أحوال بعض من سبقونا عسى أن تكون عظة لنا:
1- كانت هناك أخت للخليفة أحمد بن طولون تنفق الأموال ببذخ وإسراف، وقد بلغ بها حداً عجيباً لدرجة أنها أقامت عرساً لدميتها بمائة ألف دينار، وبعد مضي زمن قليل افتقرت وأصبحت تجوب أسواق بغداد لتسأل الناس.
2- وها هو الخليفة العباسي القاهر حفر بركاً في الأرض وملأها ذهباً وفضة، تأملوا هذه الثروة العظيمة، وقال لأبنائه لا تخشوا الفقر، ملأت لكم في هذه الحفر ما لو وزع على أهل بغداد لكان كل بغدادي تاجر، ولكن تبدلت أحواله خلع من خلافته وصودرت أملاكه وسملت عيناه، وأصبح يذهب إلى الجامع الكبير ببغداد ويقول: من مال الله يا عباد الله.
3- أم جعفر بن يحيى البرمكي جاءها أحد الأعياد وعلى رأسها أربعمائة جارية يقمن بخدمتها تأملوا الرفاهية، ولكن تبدل حالها وبعد فقرها جاءها العيد ولم تجد شيئاً جديداً تلبسه فأخذت تطلب جلد كبش لكي تلبسه فسبحان الله مغير الأحوال.
4- النفوذ والغنى والجاه لا يزول بالفقر فقط بل بالموت ووداع الدنيا تماماً، حينها يتندم الإنسان، لما حضرت عبدالملك بن مروان الوفاة قال: والله لوددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنيمات، ياللعجب خليفة عظيم امتلك البلاد والخدم والحشم يتمنى أنه كان عبداً مسكيناً، يالحقارة الدنيا.
وأيضاً قال المعتصم عند موته: لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت. والخليفة المأمون عند موته وضع الرماد على رأسه وقال يا من لا يزول ملكه ارحم اليوم من زال ملكه، وقال البغدادي: دخلت على عبدالله بن طاهر عند موته فقلت السلام عليكم أيها الأمير، فقال لا تسمني أميراً وسمني أسيراً.
إذن لكي يزول عن أنفسنا حب التفاخر والتباهي في حفلات الزواج وفي غيرها لابد أن نقف ونتأمل حال هذه الدنيا كثيراً حتى لا نسرف الأموال بلا فائدة فالمال ذاهب والجاه ذاهب والمنصب ذاهب لا محالة فعلام التفاخر والتباهي؟!.. يقول القائل:


ولا تغرنك الدنيا وزينتها
وانظر إلى فعلها في المال والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا وأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن

ولا يعني ذلك طبعاً أن نضيق على أنفسنا ولكن علينا أن نعيش الحياة ببساطة بلا إفراط ولا تفريط، حتى نقابل ربنا سبحانه وهو راضٍ عنا.. فهل يرضى أحد منا أن يكون أخاً للشياطين بإسرافه؟؟
سارة العبدالله


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved