في إحصائية أخيرة صدرت عن الصندوق الدولي للسكان التابع للأمم المتحدة، وجدت أن نسبة الشباب والمراهقين (دون 24) في العالم العربي، تفوق ال (60%) من مجموع السكان، وعلى الرغم من أنني لا أميل إلى تلك الإحصائيات التي تدمج عموم العالم العربي باختلاف بيئاته وظروفه وهمومه تحت غطاء إحصائي واحد، ومسمى الشرق الأوسط سواء كان كبيراً أو صغيراً، إلا أنه من ناحية أخرى أيضاً، هناك مجموعة من الخطوط العريضة التي تجمع سكان هذه المنطقة، والتي من أبرزها مشكلات الشباب، واستجابة الخطط التنموية في المنطقة لهمومهم وآمالهم وتطلعاتهم.
وطوال العشرين أو الثلاثين عاماً الماضية (عقب الثورة الإيرانية) كانت هناك توجهات فكرية، متعصبة، متزمتة، ظلامية، تحمل توجهات دموية عنيفة، استطاعت أن تستقطب الكثير من الشباب عبر تحريكها للوجدانيات والعقائد الدينية كواجهة لها، وفي ظل الهيمنة المطلقة لهذا النوع من الفكر، لم يكن هناك على القطب المضاد سوى مستنقعات من التفاهة والبلادة والاستغراق في المنتج الحسي الاستهلاكي المفرغ من الفحوى والعمق الإنساني، وكانت التيارات الظلامية يطيب لها دوماً أن تشير إلى تلك المستنقعات على أنها المكان الوحيد الذي ينتظر الشباب إن لم ينخرطوا بداخلها.
ونعرف جميعاً أن تلك التيارات الظلامية لم يكن لها برنامج عمل على الواقع سوى مجموعة من الشعارات المفرطة في مثاليتها والمقصاة عن الواقع، مع تغييب واضح لكثير من القيم والمبادئ التي تتعلق بثقافة هذه الأمة، وتاريخها وتراثها الإنساني وعقيدتها الإسلامية، كقيمة الإعمار، قيمة العمل والانضباط فيه، قيمة إتقان العمل، كان هناك فقط ترويج عبر الخطب والكاسيتات الملتهبة لثقافة الموت مع إغفال مُتعمّد للأمور المتعلقة بالهدف البشري الأول في هذا الكون.. وهو إعماره.
واليوم وأمام هذا الطوفان الشبابي القادم إلينا يبحث عن علم، عن تدريب، عن عمل، عن دخل لائق، عن حياة كريمة، ما القيم التي يتبناها؟ هل هناك قيم تحث على أهمية العمل وعظم شأنه؟ إتقان العمل والإبداع فيه بل وتحقيق الرضا النفسي والقيمة الإنسانية عبر هذا الإبداع؟ الانضباط؟ الانتماء إلى المكان؟ البدء بإصلاح الذات.
هناك طوفان شبابي على الأبواب ماذا أعددنا له؟
|