مع صناعات لا تخضع للمنطق أو لقواعد التنبؤ المعروفة، وفي عصر اتسم بسرعة التغيير ماذا يمكن للمنتج الذي ينشد البقاء في السوق أو يتطلع إلى الربح الوفير أن يفعله ليقتنص الفرص المتاحة أمامه؟ هل يكتفي بالاهتمام بالعاملين في مصنعه، والاقتصار على تقديم أفضل الخدمات للعملاء؟ أم يكتفي بالتركيز على الجودة الكاملة لمنتجاته؟ الإجابة هي لا. إذ لابد أن يتخلص المنتج أولاً من الأساليب التقليدية في الإنتاج والتحول ثانياً إلى طرق حديثة أكثر مرونة وتطوراً في هيكلها التنوعي، ومتفقة بما يمليها عليها السوق باستمرار. فإذا كانت الأسواق تتغير كل يوم وتنتقل من طراز إلى آخر فإن المنتج له أن يتكيف بدوره طبقاً لاحتياجات السوق وللتحولات المتوالية التي تجتاحه والمنتجين على حد سواء وكحقائق تشهدها معظم المؤسسات المحلية والعالمية الناجحة. فالتجديدات في المنتجات الصناعية تثير الفضول عند المستهلك، وتشعره بمتعة التغيير، واصبح تجريب أشياء ومنتجات مختلفة وباستمرار لبعض الناس خروجاً عن المألوف ونوعاً من المغامرة والمخاطرة. ويبدو أنه قد تعب الناس من الالتزام الطويل بكل شيء من مأكل ومشرب وملبس وعمل يومي مألوف معتاد لا تغير فيه ولا جديد. وفي اتجاه الرغبة في التغير يقوم بعض منهم بأفعال غريبة (قد تكون مرفوضة تقليدياً) للتعبير عن خروجهم عن المألوف والروتين، فمنهم يصرف الأموال على تقليعات عابرة لأنهم يتصورون إن ذلك من حقهم وإنهم يستحقون الاستمتاع في الحياة، ومنهم من يشتري الاستهلاكيات اللامعة لمجرد الشراء والإحساس بالفخامة وليس من أجل الاستخدام نفسه. ويبدو أن مستهلك عصر العولمة يبحث الآن عن إشباع الفضول الذي انعكس بوضوح على عمر دورة السلع الاستهلاكية سواء كانت منتجة محلياً أو خارجياً. فلم تعد دورة حياة المنتجات الصناعية تتجاوز ستة إلى تسعة أشهر على الأكثر، وكل عام لدينا موديلات جديدة من السيارات وإصدارات جديدة من البرامج الحاسوبية. وإذا ما أراد مستثمر صناعي أن يطرح منتجاً جديداً له في الأسواق فعليه أن يبيعه بسرعة قبل أن يجد إلى جانبه مستثمراً منافساً لم يكن قد سمع به من قبل.
لعل أنسب الأسس لتطوير المنتجات وتجديدها هو اتساع أفق ورؤية امتداد أعمال المستثمر في المستقبل، وعدم تركيزها على وضعه الحالي. فالتغيير والتحول على أية حال لا يشكل غمامة من العوامل والأسباب التي تحجب عنه الرؤية السليمة وتمنعه عن التطوير الذي يوافق احتياجات السوق. لذلك فقد يكون من أولويات الأمور هنا الاهتمام بتصحيح الجوانب السلبية، والتركيز على تطوير وتنويع منتجاته التي يمكن أن تكون أكثر استهلاكاً ورواجاً في المستقبل المنظور قبل فوات الأوان.
|