Wednesday 28th July,200411626العددالاربعاء 11 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الشراكة في مجال السياحة الشراكة في مجال السياحة
د. زيد بن محمد الرماني(*)

تمثِّل الشراكة أداة مهمة وركيزة أساسية لتطوير صناعة السياحة، حيث تتطلب هذه الصناعة المميزة بالعلاقات المترابطة مع قطاعات أخرى اتباع مناهج وآليات غير تقليدية تتجه نحو الشراكة بين الأطراف ذات العلاقة والاهتمام المشترك.
من هنا فقد بادرت الهيئة العليا للسياحة ومنذ إنشائها إلى إرساء وتفعيل وترسيخ الشراكة كآلية معتمدة لتحقيق الرسالة والرؤى، وكأداة لتنفيذ الأهداف التي تم إقرارها لخطة تنمية السياحة المستدامة وطنياً.
وقد انبثق ذلك الأمر في تكوين مجلس إدارة الهيئة الذي جرى اعتماده منذ بداية إنشاء الهيئة ليمثِّل أنموذجاً للشراكة تمثّل فيه جهات وأطراف متعددة يربط بينها رابط العلاقة بالسياحة والاهتمام بالتنمية الاقتصادية من خلال هذه الصناعة الواعدة.
ويمكن إيجاز دور الهيئة في المبادرة والإشراف والتنسيق والتوجيه والمتابعة إلى جانب إحداث مناخات مناسبة وشروط لازمة لمنظومة الشراكة.
وتتسم الأهداف التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها من مشاريع الشراكة الراهنة والمستقبلية بالطموح، كما أنها تصب في جانب الرؤى التي حددتها الدولة لدور السياحة في المجتمع والاقتصاد السعودي وتتناسق مرحلياً مع متطلبات الخطة الإستراتيجية لتنمية السياحة المستدامة.
وتضم نماذج الشراكة الفعَّالة جهات وأطرافاً منها المجلس الاستشاري والمجموعات الاستشارية للهيئة والقطاع الحكومي (مجلس الشورى والوزارات والمناطق) والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة.
وتعد الشراكة في مجالات السياحة من أبرز المجالات المدرة للدخل في العديد من دول العالم وأفضلها، من خلال استثمارات المكان والزمان، بمعنى بيع خدمات المكان والزمان للمستفيدين، فقد بلغت عائدات السياحة في عام 2000م لدول العالم 476 مليار دولار وفقاً لإحصاءات منظمة السياحة العالمية.
وتشير توقعات منظمة السياحة لعام 2020م أن دول الشرق الأوسط ستشهد نمواً مرتفعاً في السياحة يبلغ (7.7%) سنوياً، علماً بأن المعدل العالمي (4.1%) ويكون بذلك أعلى معدل متوقَّع بالنسبة لجميع مناطق العالم.
وعلى الرغم من هذا فإن المملكة لا تزال في مرحلة الإعداد لدخول هذه الصناعة، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن الإنفاق السعودي على السياحة الخارجية بلغ 54 مليار ريال تقريباً خلال عام 2000م، بينما يقدِّر مجلس السياحة والسفر العالمي أن عوائد المملكة من السياحة بلغت 6.75 مليارات ريال في العام نفسه. أيّ أن هناك عجزاً في ميزان المدفوعات السياحية.
ومن هنا تأتي أهمية النظر في تفعيل صناعة السياحة الوطنية، حيث تمتلك المملكة - ولله الحمد - مقومات دينية وبيئية وطبيعية تخولها أن تأتي في صدارة الدول المصدرة للسياحة. ولا يخفى على أحد أهمية دور القطاع الخاص في تفعيل هذا المجال من خلال الاستثمار في قطاعات السياحة المختلفة.
وغير خافٍ أنه يتوافر بالمملكة كل متطلبات إنجاح إقامة سوق سياحي متطور. وهنا ألمح بإيجاز إلى أبرز المحددات الشرعية والاقتصادية والاجتماعية للسياحة في المملكة العربية السعودية من خلال الآتي:
1 - تتميز المملكة بخصوصية فريدة، وهي أنها مهد الرسالة الإسلامية، وموطن الأماكن المقدسة، ومقصد الحج والعمرة والزيارة لأكثر من ربع سكان الأرض، أو ما يقارب 1.3 بليون مسلم وهو ما يجعلها في موقع لا ينافسها عليه أحد في مجال تطوير سوق سياحي ضخم يقوم على أساس الاستغلال الأمثل لهذه الميزة الفريدة في بناء قطاع سياحي يتميز بقدرته التنافسية العالية على احتلال مواقع متقدمة داخل سوق السياحة العالمية.
2 - وجود آثار تاريخية إسلامية غير متاحة في أي مكان آخر في العالم، يوفِّر للسياحة في المملكة مقوماً رئيساً للجذب السياحي.
3 - قطاع السياحة في المملكة يمثِّل مصدراً حيوياً متجدداً يمكنه المساهمة بصورة فاعلة في تنويع هيكل الاقتصاد ومصادر الدخل الوطني.
4 - قطاع السياحة في المملكة يسهم في تنمية المناطق الريفية والصحراوية ورفع مستوى معيشة سكانها الذي يؤدي بدوره إلى الحد من الهجرة إلى المدن الكبرى وما يسببه ذلك من عدم توازن تنموي.
5 - يمثِّل قطاع السياحة أحد أهم مصادر التوظيف على المستوى المحلي.
6 - تطوير القطاع السياحي يؤدي إلى إحداث نمو وتطور متزامن في التجهيزات الأساسية.
7 - الاستثمار في السياحة يوسع من الفرص الاستثمارية المتاحة للقطاعات المختلفة كقطاع المقاولات وقطاع الصناعة والخدمات المتصلة بالسياحة.
لذا، تسعى برامج الشراكة إلى تنسيق الجهود المبذولة من قبل المسؤولين والمستثمرين والمجتمعات المحلية والإمارات والمحافظات والبلديات في المجال السياحي وتوحيدها، وكذلك إلى دعم جهود القطاع الخاص والمناطق في تخطيط السياحة وإدارتها وتطويرها.
إن هناك عدداً من المؤشرات التي تعكس واقع صناعة السياحة في المملكة، ففي عام واحد بلغت عوائد هذا النشاط نحو ملياري دولار تمثِّل ما نسبته 1% من الناتج المحلي الإجمالي للعام نفسه.
كذلك بلغ عدد العمالة في هذا القطاع خلال العام نفسه نحو 300 ألف عامل، يشكل ما نسبته 5% من إجمالي عدد العمالة في المملكة.
كما بلغت قيمة رأس المال المستثمر في الأنشطة السياحية 1.13% مليار دولار خلال ذلك العام.
لذا تؤكِّد المؤشرات على إمكانية تطور الطلب على السياحة بالمملكة خلال السنوات القادمة في ظل الأنظمة الجديدة، خلاصة مع الحوافز والتسهيلات التي صاحبت إنشاء الهيئة العليا.

* المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved