بدأ المرشح الديمقراطي للرئاسة الامريكية جون كيري حملته الانتخابية بالتملق للحكومة الإسرائيلية واضعا أمام عينيه ثقل اللوبي اليهودي بالكونجرس, وذلك من خلال إرساله منذ فترة قصيرة أخاه كاميرون إلى إسرائيل لمقابلة الساسة هناك لإبداء التأييد الضمني والعلني لكل ما يقترفونه من مآس بحق الشعب الفلسطيني، فقد سبق وانتقد كيري قرار محكمة العدل الدولية الذي قضى بعدم قانونية الجدار العنصري الذي تبنيه إسرائيل, ناهيك عن التزامه بأمن وسلامة الدولة الصهيونية ضاربا بعرض الحائط كل المشاعرالإسلامية والعربية والإنسانية, وبالمقابل نجد المرشح الآخر الرئيس الأمريكي جورج بوش قد طلب من ناخبيه إمهاله أربع سنوات أخرى (فقط) لإحلال السلام العالمي، وبدأ بالتلاعب بالألفاظ فغير مسماه إلى (رجل سلام) فيما كان قد أسمى نفسه سابقا(برجل حرب) ابان غزو أفغانستان والعراق ومساهمته آنذاك في قتل الآلاف، كما لوحظ استغلاله في الآونة الأخيرة لشعبية ابنتيه (التوأم) جينا وبربارا أثناء حملته الانتخابية، وذلك من خلال حرصه الشديد والمبالغ فيه لاصطحابهما في غالبية جولاته بهدف حشد التأييد له بمختلف الولايات, والمعروف أنهما يحظيان بشعبية أمريكية جارفة من حيث بساطتهما بالتعامل وعفويتهما الواضحة، لذا تألق بوش في العزف على أوتار عواطف الشعب الأمريكي من خلال استخدامه ابنتيه كآخر ورقتين مؤثرتين احتفظ بهما بعد تلقيه هزائم فادحة أحاطت به وبأجهزة استخباراته ونائبه وبعض مستشاريه.
إذن هما مرشحان رئيسيان، الأول لا يقيم وزنا لمشاعر المجتمعات العربية والاسلامية, والآخر أثبت فشلا ذريعا في التعامل مع الجنس البشري، وساهم في قتله وتشريده، والضحية الكبرى هو الشعب الأمريكي نفسه، الذي أثبت بنسبة عالية فشله في كشف حيل مرشحيه، مما ينتج عنه عدم قدرته على حسن اختيار القادة في ظل المتغيرات الدولية والاجتماعية بالعالم الحديث، فجل اهتمام الناخب مقتصر علىالأوضاع الداخلية متمثلة بقوة الاقتصاد وتخفيض معدل البطالة وتقليص مستوى الجريمة، متجاهلين أن تعامل أمريكا (السوي) والعادل مع العالم الخارجي هو الضمان الوحيد لاستمراريتها على هرم الدول الكبرى خلال العقود القادمة، والسؤال الجوهري هنا إلى متى والشعب الأمريكي يستغل في لعبة الانتخابات الرئاسية رغم ما تعرض له من مآس؟
|