Wednesday 28th July,200411626العددالاربعاء 11 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مجرمٌ ويعلم الأخلاق مجرمٌ ويعلم الأخلاق
علي بن عبدالرحمن المسلم

قرأنا منذ عدة أيام تصريحاً لمجرم الحرب آرييل شارون رئيس وزراء العدو الصهيوني ينتقد فيه حكم محكمة العدل الدولية حول جداره الذي يقيمه على أراضي الفلسطينيين، وكان أهم ما في هذا التصريح قوله بأن القرار (لا أخلاقي وخطير)، والغريب أن هذا المجرم الكبير والذي كان سيحاكم لدى نفس المحكمة على جرائمه التي مارسها في صبرا وشاتيلا بلبنان عام 1982م يريد أن يعطي تلك المحكمة درساً في الأخلاق وهو أكبر مجرم في العصر الحديث يزاول جرائمه اليومية بشبه حماية دولية.. فنحن نرى تقتيله لأهل البلد الأصليين وتهديمه لمنازلهم وتشريدهم، وليس هناك أي احتجاج دولي على ما يعمله.. وستكون نتيجة هذه المؤامرة الدولية على الفلسطينيين تهجير البعض منهم ووضع الذين سيبقون في حدود بلدهم في كانتونات تشبه مجمعات سكان أمريكا الأصليين وذلك من أجل أن يحل المستعمرون الجدد محلهم.
أذكر أن كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة قد أتى من نيويورك إلى لبنان من أجل مفاوضة حزب الله بشأن أسير صهيوني، وهذا الأمين العام يزبد ويرعد ويهدد الحكومة السودانية بشأن مسألة دارفور وهي قضية داخلية - كما هو معروف - والحكومة السودانية تعرف من الجهة التي أججت هذه المشكلة، ولكنها لم تفصح عنها وليتها تفعل.. ولكن عنان لا ينبس ببنت شفه حول ما يعمله شارون بالفلسطينيين وأرضهم.
إنني أستغرب كيف أن قرار المحكمة الدولية صدر يوم الجمعة 2 - 5 - 1425هـ الموافق 9 - 7 - 2004م ثم بعده بيومين - أي يوم الأحد - جرى تفجير في تل أبيب.. وقد جرى هذا التفجير عن بعد وليس كعادة الفلسطينيين الذين يفجرون أنفسهم وتعلن منظماتهم اسم الشخص وعنوان منزله من أجل أن يقوم شارون بهدم المنزل وتشريد أهله فيفجعون بابنهم ثم بمنزلهم وتشريدهم عن أرضهم.. ولست أدري ما سبب تنافس المنظمات الفلسطينية على الإعلان عن الفاعل وعن عنوانه.
أعتقد أن لا صلة للفلسطينيين بهذا التفجير الذي جرى عن بعد كما ذكر، كما أعتقد أن شارون ليس ببعيد عنهم، ومعروف أن الصهاينة يقومون بمثل هذا العمل لخدمة أغراض معينة.. فعند بداية اغتصاب فلسطين قاموا بتفجير فندق النبي داود.
وفي هذه الأيام وجدوا سلماً سهل الصعود وهو القيام بالتفجيرات في كل مكان في العالم ثم يحضرون ملثمين أمام الكاميرات ليعلنوا انتسابهم إلى الإسلام وأنهم يحاربون أعداءهم، أو ربّما يقومون بعمل الشريط المناسب ويضعونه إما بسيارة مسروقة أو يسربونه إلى وسائل الإعلام بطريقتهم الخاصة.
ونحن نسمع يومياً بتفجيرات تنسب إلى إسلاميين وشبح يقال له أبو مصعب الزرقاوي، ولو حدث تكذيب لهذا الشريط فإن وسائل الإعلام ستركز على الأصل وتنسى النفي، وقد حدث هذا منذ عدة أيام في فرنسا، حيث إن امرأة قد ادّعت أن أربعة من شمال إفريقيا ومعهم اثنان من ذوي البشرة السوداء قد قاموا بسرقة حقيبتها وتجريدها من ملابسها العليا ثم رسموا الصليب المعقوف على جسدها في أحد قطارات باريس.. طبعاً تلقت وسائل الإعلام هذا الخبر وبالغت فيه، واعتبره المسؤولون الفرنسيون تصرفاً مشيناً ضد السامية وعلى رأس هؤلاء المسؤولين الرئيس شيراك.. وبعد يومين ظهر أن هذه المرأة كاذبة وأنها هي التي مزقت ملابسها ورسمت الصلبان المعقوفة على جسدها، ومع ذلك لم تركز وسائل الإعلام على هذه الأكذوبة وتركتها تمر وكأنها واقعة حقيقية زيادة في تأجيج كراهية الأوروبيين ضد الجالية الإسلامية في فرنسا وغيرها.
(تفاصيل هذا الخبر نشرت في صحيفة الوطن بعدد يوم الجمعة 28 - 5 - 1425هـ).
وقد استغل المجرم شارون مثل هذا الخبر المكذوب وطلب من يهود فرنسا الهجرة إلى فلسطين نظراً لتفشي عداوة السامية.
وتأكيداً لجرائم شارون والموساد فإنهم منذ أيام قليلة قد قاموا بتهريب متفجرات إلى مانيلا عاصمة الفلبين من أجل تفجير أهداف معينة ونسبة ذلك للإسلاميين.. ومن الغريب أن الحكومة الفلبينية رأت حل الموضوع بالطرق الدبلوماسية مع أن الجريمة واضحة، وقد صودرت المتفجرات وألقي القبض على ضابط الموساد الناقل لتلك المتفجرات المدعو ميرادوتلسكي (صحيفة الوطن الأحد 1 - 6 - 1425هـ) وقد قيل إنه ينوي بعد القيام بالتفجيرات في مانيلا السفر إلى إندونيسيا والقيام بنفس العمل ونسبة كل ذلك إلى جماعات إسلامية، وليت الحكومات التي تجري فيها تفجيرات أو تزويرات من قبل الصهاينة يتعلمون الشجاعة من رئيسة وزراء نيوزيلندا التي كشفت تزويرهم للجوازات النيوزيلندية من أجل استعمالها عند السفر إلى البلاد المستهدفة بالتخريب، وقد كان ذلك هو سبب قرارها بتعليق علاقات بلادها الدبلوماسية مع الحكومة الصهيونية.
الغريب أن المجرم شارون يريد تعليم محكمة العدل الدولية والعالم الأخلاق، وأما تقتيله للفلسطينيين بصفة يومية فيعتبره أداء للواجب، والعالم يرى ما يجري وكأنه أصم وأبكم وأعمى.
الجريمة هي الجريمة في أي مكان كانت ويجب إنكارها ولكن العالم يزبد ويرعد ويهدد بمقاطعة السودان أو التدخل عسكرياً لفض النزاع في دارفور، وكأنها حرب صليبية أو تبشيرية بالقوة، فالمبشرون منتشرون في منطقة النزاع والكنائس تساعد المحتاجين ولكن المسلمين ممنوعون من تقديم المساعدة، أما الجمعيات الخيرية الإسلامية فلا تستطيع المساعدة أو تقديم العون الإنساني خوفاً من أن ينقل مندوبوها من هناك إلى جوانتينامو بدعوى أنهم من القاعدة أو أنهم حسب تعبير الأكاذيب الجديدة: (إرهابيون محتملون أو إرهابيون مفترضون) أو أنهم يعرفون شبح الزرقاوي أو ابن لادن إلى آخر القائمة.
ألا ترون أن الجهة التي أجّجت الصراع في دارفور تريد صرف أنظار العالم عن الجرائم الشارونية ضد الفلسطينيين لكي يقوم بإنهاء مهمته؟، ثم ألا ترون أن ما يجري في هذه الأيام بين الفلسطينيين من خلاف يدخل ضمن هذا الاتجاه؟..
فكروا في الموضوع وستكشفه لكم الأيام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved