يجهل معظم الأشخاص الأصحاء ما يدور في داخل أجسامهم، لذلك نجدهم يعانون من وسواس المرض من شدة اهتمامهم بالتغيرات التي تحدث في أجسامهم، بدرجة تفقدهم التركيز الجيد في أمور حياتهم اليومية والعملية، مما ينعكس سلبا على صحتهم العامة نتيجة لارتفاع معدلات القلق لديهم.
وهذه الحالة تدفعهم إلى تناول كميات كبيرة من الأدوية وزيارة الأطباء بدون تحديد شكوى معينة، وقد يصل بهم الأمر إلى تجربة طبابة عامة أو شعبية اعتقادا منهم بأنهم مصابون بأمراض خطيرة، وأن الطب الصحيح عاجز عن تشخيص حالتهم.
ومن خلال دراسة نمط حياة هؤلاء الأشخاص، نجد أنها دون المقاييس الصحية التي يجب التقيد بها؛ إذ انهم لا يدركون أهمية المحافظة على صحة أجسامهم، كما انهم لا يتبعون القواعد الأساسية للعيش الصحي مثل الامتناع عن التدخين وتجنب المشروبات الكحولية وممارسة التمارين الرياضية وتناول الطعام الصحي المدروس والمحافظة على الوزن المثالي للجسم..
ولذلك ننصح -نحن الأطباء- هؤلاء الأشخاص باتخاذ الخطوة الأولى والصحيحة نحو الحياة الصحية السليمة، وهذه الخطوة هي عمل الفحص الطبي الشامل، فقد تم إعداد برامج للفحص الطبي الشامل متعددة ومتنوعة وتناسب كافة الأعمار والحالات بالنسبة للرجال والنساء.
كما أننا نؤكد على أهمية برامج الفحص الشامل؛ إذ أن لها فائدتين أساسيتين: الفائدة الأولى وهي إعطاء فكرة عامة عن الحالة الصحية للشخص ، إضافة إلى تقييم أداء الأعضاء الحيوية بداخل الجسم، وبالتالي إذا كانت نتيجة الفحص سليمة فإنها تنعكس إيجابيا على نفسية هؤلاء الأشخاص الذين لديهم وسواس المرض، مما يساعدهم على التخلص من هذه الشكوك، ويجعلهم يتمتعون بحياة صحية افضل، مع التأكيد على أهمية اتباع القواعد الصحية الأساسية لضمان استمرار الحياة السليمة على المدى الطويل.
أما الفائدة الثانية، والتي لا تقل أهمية عن الأولى إن لم تكن اكثر أهمية، وهي أن برامج الفحص الشامل تساعد على الاكتشاف المبكر للأمراض، مما يؤدي إلى معالجة هذه الأمراض في مراحلها الأولى قبل حدوث المضاعفات التي قد تستغرق وقتا اكبر لعلاجها.. ومما لاشك فيه أن العلاج المبكر سيؤدي بالنهاية إلى الشفاء التام -بإذن الله- من هذه الأمراض.
وهذا بالتأكيد سيزيد من فرص تمتع هؤلاء الأشخاص بحياة صحية طويلة الأمد، خصوصا إذا اتبعوا إرشادات الأطباء بممارسة نمط لحياتهم افضل مما كانوا عليه في السابق.
والجدير بالذكر أن الأبحاث الطبية أكدت على وجود تحسن ملحوظ في صحة الكثيرين من الناس خلال السنوات العشرين الأخيرة، وذلك بفضل إدراكهم للفوائد التي يمكن أن تنتج عن متابعتهم لصحتهم بشكل دوري، مع المحافظة على ممارسة التمارين الرياضية والتغذية السليمة والإقلاع عن التدخين وتجنب المشروبات الكحولية. ودائما وأبدا نقول إن الوقاية خير من العلاج.
(*) مدير عام المستشفى |