كان الأستاذ عمر شمس إلى جانب عمله وانشغاله بمسئوليات جسيمة تمس أمن البلاد والعباد، يسأل عنا ويستمع إلينا ويحل مشاكلنا، وذات مرة طلبت منه أن يسمح لي بإجازة لزيارة أهلي في الرياض، وسألني هل أمك موجودة وأبوك؟ وعندها أمر بمنحي تذاكر للذهاب والعودة مع والدتي وأخي حيث أخبرته بأنهما ينويان الحج ومنحت التذاكر بالإضافة إلى راتبين سلفة.
وكنت قد أوعز إليّ بتلاوة بيانات الوكالة وتعليمات الحجاج بواسطة ميكروفون مثبت على غمارة سيارة ونيت تابع للوكالة، كما كنا بواسطة حراسة من الجند نتمركز أحياناً في مواقع مهمة على طريق جدة مكة، وفي منطقة تبعد عن الشميسي بضعة أميال لمراقبة دخول الحجاج، وكان ينتشر عدد من الجنود حول المخيم لمراقبة الجبال المحتمل عبور مجهولي الهوية عن طريقها راجلين، وكان سعادة الوكيل يلازم المكان لحل أية قضية أو مشكلة تعتري عملنا.بعد سنة أو سنتين من عملي بهذه الوكالة الموقرة صدر أمر سامٍ بتعيين الفريق/ سليمان الجارد مديراً للأمن العام، وكان من تعديلاته أن ربط الجوازات بالشرطة، وكان صارماً في الحق منضبطاً في مسلكه العسكري، وحدث أن جاءت والدتي وأخي الأصغر مني سناً- رحمهما الله رحمة واسعة- إلى مكة المكرمة من أجل الحج فأستأجرت بيتاً في رأس جبل لشح المساكن في مكة لا سيما وقت الحج، وكان الواحد منا إذا اراد النزول من البيت يسأل أهله هل تريدون شيئاً لأنه من الصعب أن ينزل مرة أخرى.. واهتبلت الفرصة ونسقت مع والدتي للذهاب معي لسعادة مدير الأمن العام لتطلب نقلي للرياض، إذ كان سليمان الجارد عسكرياً صارماً يتخاطب بلغة عسكرية ولا أجسر على مقابلته، كما أن الذين سبقوه حفظوا طلبي، وفي ذات يوم دخلت معها ولسعادة الوكيل فنادى مدير مكتبه وامره بأن يبحثوا لي عن وظيفة تابعة للأمن العام وينقلونني إليها في الرياض، وعندما ذهبت إلى مدير شئون الموظفين وقال أمهلني حتى بكره.. وفي الصباح الباكر ذهبت بوالدتي وأخي رحمهما الله رحمة واسعة إلى المسجد الحرام وركبت اتوبيساً لكي أذهب إلى عملي واستكشف خبر النقل، وما أن دلفت إلى مكتبي حتى قابلني فراش الإدارة قائلاً: (وراك علينا بتروح وتخلينا) واستوضحته عن الخبر وقال لي (توي) مسلم قرار نقلك للشئون المالية، وعندئذ أخبرني رئيسي حيث زودني بصورة من القرار، ومنه فهمت أن نقلي لجوازات الرياض وإثباتي على الوظيفة الشاغرة وهي رئيس قسم الأرشيف، ويالهول الصدمة عندما باشرت في الرياض على وظيفة مشغولة؟!.
| 
"القوى العاملة"