إن العلاقة بينك وبين رئيسك علاقة معقدة. فأنت جزء من فريقه، وطريقة أدائك لعملك تلعب دوراً في تقدير سمعته، لأنه من المفروض أن يحسن اختيار مساعديه.
والعلاقة بينك وبين رئيسك رسمية بصرف النظر عما يبدو في الظاهر. فهو في مركز القيادة، وأنت تتبعه، وهو الذي يقرر البداية لا أنت. ومن واجبك إطلاعه على ما تعمله، ومن عمله إبلاغك عما يريده أن ينفذ.
ورئيسك يحتاج إلى مساعد يمكنه الاعتماد عليه، فهو يريدك أن تتحمل المسؤولية وتريحه من التفاصيل، كما يتوقع منك أن تقبل ما يسند إليك من عمل وتنفذه. وأنت كمعاون ناجح يجب أن تعرف أنه لا يحب أن يزعج بالأسئلة التافهة. وطبيعي يجب عليك أن تتصل به عندما تصل في العمل إلى نقطة تتناول سياسة العمل أو تحتاج إلى قراره الشخصي، ويصبح من الضروري معرفة رأيه فيها.
وهو لا يريد في المسائل المهمة أن يستقل مرؤوسوه بالعمل دون استشارته.
ومع هذا فتأكد عند مقابلته أنك فكرت ملياً في المشكلة المعروضة، وأنك في مركز تستطيع شرحها بوضوح وتقترح بذكاء عدة حلول لها.
وفي هذه الحالة له أن يقبل أو يرفض اقتراحاتك، فإذا كانت قيّمة فمن المحتمل أن يقبلها، ولكن سواء قبلها أو رفضها فإنه يقدرك كشخص ذي أفكار جديدة.
وبرغم وجاهة اقتراحاتك فإن رئيسك أحياناً قد لا يستطيع قبولها وقد لا يمكنه حتى إخبارك عن السبب. فلا تجعل هذا يزعجك كثيراً وتذكر أن لديه عملاً أكثر منك، وأنه ينظر إلى الصورة من زاوية أعم مما تنظر إليها. وفي موقف مثل هذا لا تخرج غاضباً، وحاول أن ترى مشكلتك بالنسبة لمشاكله الواسعة لأنه تحت ضغط أيضاً وأكثر منك. وبفهمك هذا ومحاولتك المساعدة تخدمه أحسن خدمة.
أفهم المشكلة
إذا قمت بطلب الأوامر في كل صغيرة وكبيرة في عملك من رئيسك فإنك ستتحول إلى رجل آلي لا فائدة مطلقاً في تطويره، بل عليك أن تلجأ إلى تبين الأمور كاملة حول أي قضية وألا تطلب من مديرك أن يقوم بعملك أنت عندما تقوم بطلب الأمر في كل مرة.
لا تكن عبئاً
إن من الضروري أن تخبر مديرك بآخر تطورات العمل، ولكن ليس معنى ذلك أن تخبره بكل صغيرة وكبيرة حتى الأمور التافهة.. لا تضيع وقت رئيسك بدون حاجة. واعلم أنك ستكون مساعده الناجح إذا زادت قدرتك على حل مشكلاتك بعيداً عن مديرك فلديه هو الآخر مشاكله أيضاً.
بيّن له كيف ولماذا كانت تصرفاتك، ولكن لا تندفع إلى مكتبه كل ربع ساعة لتخبره بذلك. اجعل الأمر نادراً مختصراً وإلا فإنك ستفاجأ بطرقه الخاصة في التخلص من تقاريرك غير المهمة والمزعجة والمضيعة لوقته الثمين.
كيف تحيط رئيسك علماً؟
هناك طريقتان فقط للاتصال برئيسك: الطريقة الأولى تكون بالمحادثة، والثانية عن طريق الكتابة.
وعندما تقدم تقريراً شفوياً فكر ملياً فيما ستقوله قبل أن تبدأ الكلام، ويحسن أن تكتب النقط التي تريد مباحثته فيها على قصاصة من الورق للرجوع إليها. وبهذه الطريقة تتأكد من عدم العودة إلى مكتبه فيما بعد بسبب نسيانك نقطاً عند المناقشة الأولية.
المدير الناجح يعرف أن اللغة تستعمل لإقناع الغير بالأفكار وهو واضح في كلامه ولا يخرج عن الحديث أو ينصرف إلى مسألة أخرى، ويتأكد أن الكلمات التي يحتاج إليها لشرح وتقبل أفكاره تحت أمره دائماً، فإذا كنت عاجزاً عن التعبير عما بنفسك فسيؤثر ذلك على مستقبلك.
وسواء في الكلام أو في الكتابة قل ما يجب عليك أن تقوله بسرعة ودقة، واقترح برنامج العمل إذا كان الموقف يتطلب ذلك، وكن مستعداً للإجابة عن أي سؤال خاص باقتراحك. وإذا أراد رئيسك مزيداً من الإيضاح فسيطلب إليك ولكن دعه يكون البادئ بذلك، وستجد أنك ستزداد معرفة به، وأنه لن يخشى إزعاجك.
اعرف عمل رئيسك
لا تنتظر أن يطلب منك ما هو مفروض أن تعمله فمدير المكتب اليقظ يعرف جيداً مسؤولياته، ويعلم أن من أهم واجباته إراحة مديره من التفاصيل التافهة وتفهم مسؤوليات مديره أو رئيسه بصفة عامة، وكيف يتلاءم عمل رئيسه مع هذه المسؤوليات.. ومن ثم ينظر إلى عمله نظرة صائبة.
ومهمة رئيسك أو مديرك في العمل التأكد من أن الجهة التي يرأسها تعمل بكفاءة ويسر. ولن يحتاج لأن يكون خبيراً في كل عمل يقوم بالإشراف عليه، ولكنه يجب أن يكون لديه معلومات عامة واسعة عنها جميعاً. ومن المحتمل أنه لا يعرف كل شيء عن تفاصيل عملك ولكن يجب أن يعرف ما فيه الكفاية عما تفعله لتحقق أهدافك، وأن يخبرك بما يريد منك أن تعمله.
وعليك أن تعرف ما فيه الكفاية عن عمله لتقدر مشاكله، ولن تستطيع إدراك مسؤولياته حتى تعرف واجبات الأشخاص الآخرين الذين يعملون معك في الإدارة والذين يشرف عليهم أيضاً.
ولكي تساعد رئيسك وتساعد نفسك يجب أن توسع أفقك فكلما اتسعت معرفتك عن الميادين المتعلقة بعملك أصبحت أكثر صلاحية للترقية لأن ما تكسبه من معرفة سوف يظهر في التوصيات التي تتقدم بها والطريقة التي تنفذ بها عملك وسيزداد تقديرك لنشاط الآخرين.
وللعلم فإن رئيسك لا يريدك أن تقوم بعمله وإنما أن تقوم بعملك بطريقة تسهل عليه القيام بعمله.
لا تحرج نفسك
تذكر أن مستوى رئيسك هو أعلى منك في الإدارة، وهو ليس مسؤولاً أمامك، وليس عليه أن يوضح أعماله لك.
لا تضيق عليه الخناق، فقد يوافق على قبول اقتراح مقدم منك ثم بعد قليل يغير موقفه، فإذا حدث ذلك فيمكنك طبعاً أن تسأله عن السبب، ولكن إذا أعطاك إجابة غامضة فلا تدقق في ذلك، ولا تعمل بكد في جعله يعترف. فربما قضى على الخطة لأن الإدارة العليا رفضتها ولا يريد أن يصرح بذلك، وربما أعاد النظر في الموضوع، ولأسباب غير واضحة أو يصعب شرحها أجل التنفيذ.
ومن المحتمل أن يستدعيك فيما بعد إلى مكتبه ويعطيك القصة كاملة ولكن دعه يفعل ذلك على طريقته، ولا تحاول أن تستدرجه إلى أن يصرح بها قبل أن يكون مستعداً لذلك.
لا توقعه في شرك الاعتراف بخطأ أمام الآخرين، وقد يظهر ذلك بمظهر البطولة وقتها، ولكنك ستقاسي منه طول المدى.
وكن لماحاً، فإذا كنت معه في اجتماع مثلاً وكان يتحدث عن برنامج وما كان عن مدى تقدم البرنامج، فيحتمل أن لديه سبباً لما يقول، وربما يحاول أن يموه على الآخرين ولا يريد أن يصرح بمدى تقدم الخطة.
وفكر قبل أن تتكلم، فالضرر الذي يمكن أن يفعله مندفع عجول الكلام للخطط المرسومة بعناية ضرر عظيم.
روى (هرام. س. هال) مستشار علاقات العمال عن تجربة تعتبر مثلاً صادقاً لما يمكن أن يحدث عندما يلقي المرؤوس تعليقاً بدون روية.وإذا ما أحرز شخص نجاحاً فائقاً، فسيتحقق الناس أنه محاط بموظفين على أعلى درجة من الكفاءة، وأنت تبني مقامك بناء على كرامة رئيسك، وهو سيقدرك لك ذلك، وما دمت لا تنافسه، فسيكافئك على ما تفعل، وبالعكس إذا ما حاولت أن تطفئ رئيسك فيستربص بك الفرص، والطريقة الوحيدة التي يمكن بها أن تكون كفؤاً وتفلت بها هي أن تكون في موضع لا يستغنى عنك فيه، وعدد الرجال الذين لا يستغنى عنهم قليل جداً.
كيف تبدو عندما ينظر إليك من أعلى؟!
ها أنت ذا ترى أن رئيسك يراقبك بطريقة مختلفة كلية عن زملائك والأشخاص الذين هم تحت إدارتك. وهو يؤسس فكرته في الواقع عن عملك على نفس الحقائق التي يكون بها الآخرون فكرتهم عنك، ولكنه يراك من زاوية أخرى (فهو ينظر إليك من أعلى). ولكي تكون كاملاً يجب أن تبدو ناجحاً من أي زاوية ينظر إليك سواء من أعلى أم في المستوى أم في أسفل، أي في نظر رئيسك وزملائك ومرؤوسيك.
*المصدر: كيف تكون مديراً ناجحاً، جيمس منزس بلاك |