Tuesday 27th July,200411625العددالثلاثاء 10 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

قراءة في معايير الانضمام لمنظمة التجارة قراءة في معايير الانضمام لمنظمة التجارة

إن من إفرازات نظام العولمة الاقتصادية وتسارع المستجدات الاقتصادية المتلاحقة فرضت على منظمة التجارة العالمية تنامي جهودها المكثفة لتقنيين الاقتصاد الحر العالمي وتوسيع نطاقه مشكلة بذلك وسيلة للتشريع الملزم في عالم التجارة الدولية المعقد.
ويكمن الهدف الأساسي وراء التوقيع على اتفاقية الجات والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية في اللحاق بقطار التجارة الحرة، ويأمل الأيديولوجيون في التجارة الحرة، أن فعالية السوق الحرة العالمية ستؤدي في النهاية إلى عالم تنتج فيه البلدان السلع التنافسية في الأسواق العالمية، وتتوقف بالتالي عن إنتاج السلع غير التنافسية.
كما يصفه البنك الدولي بأن من نتاج هذا التحول أن يضيف أكثر من 500 مليار دولار سنويا للدخل العالمي بحلول عام 2015.
وتأمل حكومات البلدان النامية أن التوقيع على هذه الاتفاقات من شأنه ان يحسن نظرة الرأي العالمي إليها والنهوض بالصناعة الوطنية لتحقيق الأرباح، فالأرباح السريعة الناتجة عن التعددية تفوق تلك الناتجة عن سياسة الانعزالية والتي تعيشها بعض صناعاتها المحلية.. وهنا يترتب على العالم العربي والذي نحن جزء منه إلى تفهم دوره وموقعه من النظام العالمي بوجهه الجديد الذي يتطلع إلى مصافحة اقتصادنا الوطني.
وحتى نعكس هذه النقلة النوعية في الحياة الاقتصادية الوطنية لا بد لنا من إدراك عميق لمتطلبات هذا النهوض ومتابعة مسيرة الإنماء والنمو، وكذلك فهم كامل للاتجاهات الاقتصادية الكبيرة الحجم نحو (العولمة) المرتبطة ارتباطاً عضوياً بتحرير التجارة الدولية وانفتاح الأسواق على بعضها بعضا إنتاجاً وخدمات متنوعة.
ولكن يظل التساؤل قائماً ويتردد في أذهان العديد من المراقبين والمعنيين المباشرين بهذا التوجه في اقتصادنا الوطني الحبيب وهو هل وصلنا إلى الدرجة المرضية من التشريعات التجارية والصناعية والتي تمكننا من التعامل الفاعل مع الاقتصاد العالمي بوجهه الجديد ؟ أم أن الأمر يحتاج منا إلى إعادة نظر في بعض تلك التشريعات والقوانين التجارية والايديولجيات الصناعية المنهجية التي تساعد الشركات التجارية أو الصناعية والمتمثلة في الصناعات العملاقة أو الصناعات المساندة لها أو حتى الشركات أو المؤسسات الخدماتية إلى النهوض بها بشكل متسارع في ظل اللحاق بركب المستجدات الاقتصادية العالمية والمتلاحقة ؟.
إن المتمعن في قراءة بعض الأنظمة والتشريعات أو القوانين التجارية أو الصناعية السعودية يجد ان بعضاً من هذه المعايير في حاجة ماسة للتفاعل بطريقة ديناميكية مع النظام الاقتصادي العالمي المتغير.
فما زال شبح بعض الإجراءات الروتينية والمطولة تفرض هيمنتها على اعاقة هذا التوجه إلى التقدم نحو الأفضل. كما تساهم في تباطؤ ظهور المزيد من الشركات المساهمة الفعالة والتي تخدم هذه المسيرة.
لذا ينبغي ان يكون التوجه إلى أهمية إعطاء حيز كبير للمرونة في الإجراءات الخاصة بها وتشجيع هذه الشركات على فتح رساميلها إلى الجمهور بمفهوم أوسع وأشمل وأكثر مرونة وديناميكية حتى نصبح بلداً جاذباً للاستثمارات العربية والأجنبية في ظل مناخ استوفى كل الشروط الأساسية التي ينشدها المستثمرون والتي سيكون من بعض نتاجها خلق المزيد من الفرص الوظيفية الكبرى للقوى العاملة السعودية.
كذلك ينبغي علينا ألاّ نغفل عن الشق الآخر والهام من هذا التوجه وهو إحكام الرقابة بشكل أوسع على جميع الشركات الصناعية أو التجارية وتطوير القواعد والمعايير التي تنظم هذه المسيرة الهامة والعمل على إعادة توجيه ومتابعة هذه الشركات والقائمين عليها بضرورة إعداد إدارات على مستوى عالٍ من الوعي والإدراك والتفهم لمجريات هذا التغير وتعمل جدياً على هذا التغيير... وخصوصاً إذا ما عرفنا ان المنافسة ستكون شرسة من طرف الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات عابرات الدول والقارات.
كما ينبغي العمل على تلافي بعض العادات السيئة الموروثة في السلوك الإداري المبنية على الأطماع والمصالح الفردية على حساب المصالح العامة لها والتي تنعكس سلبا عليها وبالأخص تلك التي تعاني من خسائر متلاحقة تعصف بآمال وتطلعات ملاكها.
وهذا لا يعني ان يكون هذا التغير مبنياً على دراسات ارتجالية و متسارعة دون النظر إلى عواقب هذا التغير.. فبعض هذه الشركات عملت على الخروج من أزمتها المالية وخسائرها المتلاحقة بالعمل على رفع راساميلها وطرح أسهمها للاكتتاب العام بغرض تدارك ما يمكن تداركه... وأهملت جوانب عدة هامة وأهمها هو تغيير العادات والسلوك الادارى والتوجه إلى آفاق ورؤى بعيدة المدى لتحقيق هذا النجاح ولو على المدى البعيد... بينما نرى في الجانب الآخر شركات ناجحة رسمت لنفسها خططاً واستراتجيات ايجابية قصيرة وبعيد المدى... من أجل اللحاق بركب التقدم والتسارع المحلي والدولي في مجالات الإنتاج والتنوع.
وعمدت إلى دعم خططها بالتغير في منهجية الإدارة والتحول من شركات ذات الطابع المحدود أو العائلي إلى شركات مساهمة كبرى تدخل في إداراتها عناصر ناجحة تقودها نحو آفاق بعيدة للحاق بركاب زميلاتها من الشركات المحلية والعالمية المنافسة والمتسارعة في الإنتاج مانحة بذلك الثقة والتفاؤل لملاكها نحو تحقيق آمالهم الاستثمارية.
وختام القول انه لكي نستعد للدخول إلى أسرة منظمة التجارة العالمية يجب علينا أولاً أن نتفهم المعايير المهمة لذلك الانضمام ودراسة ابعاده من جميع الجوانب لكي نكون على استعداد للمتغيرات الشرسة القادمة, إضافة إلى ضرورة النظر في دينامكية بعض الأنظمة التجارية والصناعية وإعادة صياغة بعض معاييرها وتطويرها بما يتماشى مع سياسة الانفتاح الاقتصادي العالمي الكبير.

عصام محمد كيكي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved