نعرض في هذا المقال إجابة على سؤال يتردد كثيراً على ألسنة الآباء تخوفاً من أثره على أبنائهم وسلوكهم ألا وهو التلفزيون. والسؤال: هل يمكن أن يكون للتلفزيون دور تربوي؟
نعم التلفزيون له مزايا إن أحسن استخدامه كمرسل في مقابل مشاهد متقبل، وإن أحسن أيضاً التعامل معه كأداة أحد مراميها ثقافة وتربية.
وكما أن للتلفزيون مزايا فكم له من عيوب أهمها التحول السلوكي من السواء للاسواء القيمي والأخلاقي. وسبق لنا أن كتبنا عن أثر التلفزيون في انحراف الأحداث والشباب إثر تنميط الحياة هذا غربي وهذا شرقي ولذا في مقالنا هذا سننأى عن العيوب وسنتناول المزايا وفي جانب واحد منها وهو الدور التربوي للتلفزيون.
إن التلفزيون في النطاق التربوي يعتبر وسيطاً تربوياً جيداً لماذا؟ لما له من مزايا تربوية عديدة نذكر منها بعضاً من مرتكزات الدور على النحو التالي:
- خلوه من أية مؤثرات سلبية من شأنها أن تعوق عملية النمو المعرفي أو تحول دون التعلم المكسب للخبرات والتي يعرفها رجال التربية بأنها (خبرة مربية) وهي ذات تأثير فاعل في الملتقى متى قربت من توقعاته وأشبعت حاجاته.
- إمكانية التنقل بين القنوات لاختيار البرنامج المناسب تربوياً وتعليمياً يتلقاه مجموعات كبيرة من المشاهدين داخل الوطن وخارجه.
- مشاركة الآباء لافراد الأسرة جميعاً في مشاهدة برامج الترويح أو البرامج الدينية او الثقافية، فتحلقهم حول التلفزيون يؤدي إلى التفاعل والتوحد الفكري والتوازن والتماسك الاجتماعي.
- تعلم وضوح اللغة وصحة منطوقها وسلاستها ويسرها من خلال الاستماع للكلمة المقرؤة بمعرفة مقدمي البرامج أو ضيوفهم في الحلقات المتعددة والبرامج المختلفة.
- لا تعتمد مقولاته الثقافية الفكرية على القوانين السلبية في الفكر مثل: الشيء إما أن يكون او لا في ذات الوقت، إنما يعتمد على قبول النتيجة المتوازنة المجالية المدروسة.
- يعزز من عوامل تميز التراث العربي الإسلامي ويحرص على أن تكون برامجه مرافقة لمصالح واعتبارات ومناخ الوطن مما يساعد على الحضور والتكوين مما يجعل الكثير من برامجه متقبلة وبلوغ هذا التراث يعتبر تواصلاً تاريخاً وتربوياً تعرف الوقائع وملابساتها وعلائقها ونواتجها مهما كان الفارق الزمني بعيداً فهو يعتبر مفسراً لوقائع العصر.
وتربوياً نتلمس فيه الحكمة ونأخذ عنه العبرة بما يتفق مع السياق الحضاري والمنتج الثقافي الآني واستراتيجيات المستقبل.
- تبني المفاهيم القيمة المتوافقة والعمل على ترسيخها لأنها تخدم تماسك المجتمع وتدعو لاحقاق مصالح الوطن.
مثل دعم مؤسسة الاسرة ومؤسسات آلية الدولة وإبراز دورها في خدمة المجتمع ووسائل الاتصال لنقل الخدمات.
- تجسيد جغرافية المكان نظراً للتنقل بالاخبار من مكان لآخر مع ابراز ثقافة المكان الحاضر والمنقول بعاداته وتقاليده وانتاجة وابداعه وعوامل تطويره وملامحه ومنجزاته لخدمة الإنسانية.
- عرض المنجز الثقافي في اطاره الاجتماعي وما يحوط من ايديولجيات ومذهبيات وما هو مستدمج فيه من نسق قيمي وعلاقات اجتماعية وديناميات التفاعل السوي.
- تناول الوقائع والاحداث والأشياء بروح النقد الهادف في موضوعية بنيوية تدفع لإثراء الهوية العربية وهذا لا يحول دون عرض ما فيه نقل الخيرات تفيد مجتمعنا والمجتمعات العربية كافة شريطة أن تكون مرتبطة بأساليب السلوك والوسائل والأهداف الخاصة بمجتمعنا.
- تقديم وسائل وطرائق منهجية رصينة لحل ما يعترض سبيلنا من مشكلات في ظل التطور التكنولوجي الذي ينبني عليه الآن حياة الناس وتقدم مؤسسات المجتمع.
- ابراز مخرجات عصر المعلومات من انتاج علمي يساهم في تكثيف القيمة المضافة الحقيقية وهي القيمة العلمية التي كان من أبرز عوائدها الاقمار الصناعية وان قلنا انها ذات طابع اجتماعي فهي لأنها تساهم في حل مشكلات يتعرض لها المجتمع تعليمية وصحية واقتصادية. الخ.
- ادخال برامج تربوية تحرص على بث برامج تحث على التمسك بالمعايير الأخلاقية المستمدة من تراثنا واصالتنا والتي نجسدها الأنظمة الاخلاقية القائمة في مجتمعنا التي ترفع شعار الحق والخير والجمال تحت مظلة العدالة والقيم المحمية اجتماعياً واحترام معطيات العقل واعلاء قيمة العلم.
- دعم هذه الشعارات بوضع مضامين تحقيقها لخدمة حاجات المجتمع وحماية كيانه وتتبع من أصالته وتتفق مع معاييره ونواتج العقل والعلم.
هكذا عرضنا لبعض من مرتكزات الدور التربوي للتلفزيون السعودي من دراسة سبق ان اعدها د. محمد شمس الدين وفي اثر ذلك نسوق بعضاً من مقترحات تعزيز هذا الدور:
- العمل على دعم القضايا التربوية ودعوة رجال التربية لاستطلاع آرائهم ومشاركتهم لرجال الثقافة والإعلام لوضع حلول للمشكلات والتصدي للصعوبات التي تعوق المسيرة التربوية.
- تنمية وعي الانسان بالواجبات تجاه الذات والاسرة والمجتمع والدولة مع ترسيخ قيم التوافق والحرص على ثقافة القيم التي تنتمى لاصالتنا المذهبية وثقافة مجتمعنا.
- تحقيق التكامل بين ما تعرضه القنوات التلفزيونية وما تقدمه المؤسسات التربوية المختلفة والتفاعل الجمعي لتوحيد الرؤى والاتجاهات ذات الانعكاس على المسار السلوكي الإنساني.
- توفير الامكانات المادية والبشرية والمعنوية وتوجيهها توجيهاً عادلاً لاداء الرسالة على اكمل وجه.. والله الموفق.
|