كما تمرّ النسمات الرطبة على جبهة حران، وكما يبلل الغيث جدب الأرض، وكما تنثر النجوم بيارقها على صفحة السماء فتبعث روح الجمال في قبة الفضاء الكوني، وكما يهدئ الإيمان قلوب الذاكرين، استقبلنا بالفرح الخبر الذي ننتظره بشوق، فكان أن أطل علينا بطلته البهية أمير الخير والإنسانية سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله ورعاه ليعود لممارسة أعماله ومسؤولياته الوطنية بعد العارض الصحي الذي لم يحجب شمس عطائه أبداً.
قلوبنا كانت معه عدد اللحظات، وألسنتنا ظلت تلهج بالدعاء للبارئ القادر ان يشفي سمو أميرنا النبيل، ويحميه من كل شر وسوء، وأكفنا مرفوعة متوجهة للسماء تسأل الله المنّة والرحمة، فما أجمل ان نسعد بعودة أميرنا المحبوب إلينا لينثر على البشرية ثمار بره وإحسانه.
وما أطيبه من أثر وتعبير عن نبل اللحمة وكريم السجايا، والمكانة الرفيعة التي تبوأها سمو الأمير سلطان في نفوس وقلوب الخاصة والعامة حين كانت أولى كلماته بعد عودته لممارسة أعماله التأكيد على ولائه للمليك المفدى مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رعاه الله وتفانيه في خدمة الوطن المعطاء الذي وقف معه في مرضه بكل فئات شعبه.
كنا جميعاً نتابع عن قرب مجريات الأحداث وقلوبنا هادئة مطمئنة مؤمنة بأن الله سبحانه لن يضيع أجر من أحسن عملاً، وان ما أصاب أميرنا المحبوب ما هو إلا اختبار لصلابة الإيمان بقدرة الله تعالى تبارك وتعالى، وكان سلطان الأمير المؤمن الراضي بحكم الله وقدره، وكان الصابر القانع المطمئن، فجزاه الله سبحانه خير الجزاء، وأفاض عليه من رحمته ومنّ عليه بشفائه الميمون فأسعد قلوبنا، وهدأت نفوسنا.
لقد تعلمنا في مدرسة سلطان بن عبدالعزيز ومن خلال درس مرضه مقدار المحبة العارمة التي يكنها الشعب لسلطان العطاء وللأسرة المالكة الكريمة، وفقهم الله ورعاهم، فهذا الأمير الفارس النبيل قدّم كل ما يستطيع لشعبه، وبذل في سبيل خير الناس كل غالٍ ونفيس من ماله ووقته ورعايته واهتمامه، بدعم من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله فكان خير معين للفقراء والمساكين، وخير راعٍ للأيتام والأرامل، وخير باذل في سبيل رفع المسألة والعوز والحاجة عن كاهل كل من يكابد أو يعاني من مسألة، وكان اليد الحانية التي فاض برّها وحنانها على المرضى والمعوقين وكان لسلطان الأثر في كل مكان، المدارس والمعاهد ودور البر والملاجئ والمعاهد والمستشفيات والمستوصفات، وحملات الخير السنوية والشهرية واليومية، والعدل والحكمة والسداد والرشاد، ومراكز التأهيل والتثقيف الصحي والاجتماعي، ومشاريع لا تعد ولا تحصى، كلها لخير الناس، وكان سلطان سيد العطاء فملك حب الناس مصداقاً لقول شاعر الدهر أبي الطيب المتنبي:
وأحسنُ وجهٍ في الورَى وجهُ مُحسنٍ
وأيمنُ كفّ في الورى كفُّ مُنعمِ |
وكان الأمير سلطان بن عبدالعزيز الباني والمحدث لقواتنا المسلحة درع الوطن الأمين، الفاعل في تنظيم وتدريب القوة الحامية للوطن، والمهتمّ بالإنسان السعودي الذي هو الأصل في كل حال، فجعل منه بالصبر والتروّي والتدريب وبتزويده بأرقى وأحدث ما توصل إليه العلم نموذجاً للالتزام الوطني والديني والأخلاقي، وكان المنصف لحاجاتهم وتدريبهم ورفع مستوى المعرفة لديهم، سواء العلمية أو الحياتية أو العسكرية، وزودهم أحدث صنوف الأسلحة، وحرص على تأهيلهم وتدريبهم على أحدث أنواع الأسلحة، والتعامل الفاهم مع التكنولوجيا العسكرية وما أفرزت من تجديد وتحديث كيما يصل مستوى القوات المسلحة إلى الحد المنشود ليجاري ركب العصر معرفة وتعاملاً.
وكم حرص سيدي سلطان على حماية الوطن من عبث العابثين، وكان خير يد مع أيادي الشرفاء من أسرة آل سعود وعلى رأس الكوكبة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الحافظ العهد الأمين ورجالات الأسرة الكريمة في رفع شأن المملكة في كل المحافل الإقليمية والعالمية، كما شارك الأمير سلطان في كثير من المؤتمرات الدولية فكان خير ممثل للمملكة ووجهها الباهي، وكل ذلك نابع من إيمان لا يتزعزع بالله سبحانه ولي النعمة وراعي الفضل والخالق القدير، وكان سلطان مؤكداً على الالتزام بدين الإسلام ورسالة نبي الإسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وفاعلاً في مد يد الخير إلى كل من يسأل ويحتاج ليس على المستوى الوطني والعربي فقط بل على مستوى كل من اعتنق الإسلام ديناً في شرق الأرض وغربها، وكل من انتسب إلى الإنسانية.
ونحن نعيش فرحة عودة سلطان الى سابق عهده سبّاقاً إلى الخير والمكرمات لا بد ان نتوقف عند معطيات هذا الحدث ودروسه الإيمانية والوطنية، ففيه دليل أكيد على ما تتميز به هذه البلاد وأهلها من حس إيماني رفيع جسده سلطان الخير في أسمى صوره وأعذب معانيه إيماناً راسخاً ويقيناً صادقاً، وفيه التأكيد على الوحدة الوطنية المتينة حيث شهدنا وشهد العالم كله معنا العلاقة الوثيقة والعميقة بين الراعي ورعيته حيث تداعت أجساد الشعب لحمّى وسهر قائد من قادتها، وظهر صريح الولاء وصدق الانتماء بين الصغير والكبير والغني والفقير وفي مختلف طبقات المجتمع، وفيه التأكيد على روح الأسرة الواحدة أسرة آل سعود حيث حظي سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمتابعة الأسرة كلها وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه الذي جسد هذه العلاقة في أعلى مراتبها بزيارته الميمونة لأخيه في المستشفى، كذلك الزيارات اليومية لسمو ولي العهد الوفي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.
ويبقى الأمير الحاني سلطان بن عبدالعزيز الرجل المحبوب في كل ميدان، فنحمد الله ان عاد إلينا ببسمته المشرقة عطاء وبراً، ونسأله القدير العزيز ان يظلله برحمته الواسعة، وان يطيل في عمره ويجزل له الأجر والمثوبة ويشد من أزره كي يواصل بنا ومعنا مسيرة الخير لرفع شأن المملكة برجالاتها وشعبها وخيرها، ولحماية الدين الحنيف من كل تشويه وسوء، وليقودنا إلى سدة النجاح، وأهنئ مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بشفاء ساعدهم الوفي ورجل المهام الصعبة الأمير الفارس سلطان بن عبدالعزيز، والتهنئة موصولة كذلك للأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الأصيل وإلى أمتنا العربية والإسلامية ونبارك لأنفسنا، ونحمد الله ونشكر فضله، فهو المنعم والمعطي وهو على كل شيء قدير.
فاكس 014803452
|