* حوار - مسلم الشمري:
أبان الشيخ إبراهيم بن عبدالله الغيث الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن الإسلام حفظ للإنسان الضروريات الخمس ومنها حفظ النفس بما شرعه من الحدود والعقوبات والتعزيرات التي تحقق الأمن العام.
وأوضح الشيخ الغيث في حديثه ل(الجزيرة) أن في حالة قتل الكافر الذي له أمان بالخطأ ففي ذلك الدية والكفارة فكيف إذا قتل عمداً، فتعتبر الجريمة أعظم والإثم أكبر.
جاء ذلك في حوار أجرته الجزيرة مع الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم بن عبدالله الغيث وفيما يلي نص الحوار..
الأعمال الإرهابية
* في البداية كيف تنظرون إلى الأعمال الإرهابية والتدميرية التي قامت بها العناصر الإرهابية ضد الأرواح والممتلكات؟
- لا ريب أن هذه الأعمال الإرهابية والتدميرية التي قام بها هؤلاء الضالون عن جادة الصواب لهي من أكبر الكبائر لما فيها من قتل للنفس المعصومة وترويع للآمنين وتدمير للممتلكات ولقد جاءت شريعة الإسلام بحفظ الدماء قال تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ }، ويقول عز وجل:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً {68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً {69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وتوعد من فعل ذلك بقوله تعالى:{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) رواه البخاري ومسلم. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدماء الحرام بغير حلة) رواه البخاري. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً أو من قتل مؤمنا متعمداً) رواه ابن حبان في صحيحه وأبو داود في سننه وصححه الألباني صحيح الترغيب (2- 631)، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الترغيب (20633). وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي) صحيح الترغيب (2- 630). ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة:( ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرا) رواه ابن ماجة في سننه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، صحيح الترغيب (2-630). وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم) رواه الترمذي) صحيح الترغيب (2-629). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ( يأتي المقتول متعلقاً رأسه بإحدى يديه متلبباً قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دماً حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين: هذا قتلني فيقول الله عز وجل للقاتل: تعست ويهذب به إلى النار) رواه الترمذي والطبراني في الأوسط وصححه الألباني (صحيح الترغيب (2-632). فما جرى ويجري من هذه الأعمال في هذه البلاد المسلمة من قتل وتفجير واختطاف وافتيات وخروج على جماعة المسلمين وإمامهم لهو ظلم وعدوان يجب إنكاره ومحاربته والأخذ على يد مرتكبيه.
ولنا أن نتفاءل بأن الله سبحانه وتعالى سيفرج هذه الغمة ويزيل هذه الظلمة وأن يصلح الأحوال وأن يهدي ضال المسلمين ويردهم إلى الحق لاسيما وقد فتح ولاة أمرنا أبواب الأوبة والعودة لجادة الصواب.
اختطاف الرهائن
* هل يقر ديننا الحنيف اختطاف الرهائن ولو كان الرهينة كافرا ومشركا، فكيف إذا كان الرهينة مسلما؟
- من المعلوم لدينا جميعاً أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونةً سالمةً وهي:(الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال).
والله تعالى قد حفظ للناس هذه الضروريات الخمس بما شرعه من الحدود والعقوبات والتعزيرات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (33) سورة المائدة. ومن ذلك الاعتداء على الأنفس المعصومة في حكم الشريعة الإسلامية وهي: كل مسلم وكل من بينه وبين المسلمين أمان كما قال تعالى:{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء. وقال سبحانه في حق الذمي في حكم قتل الخطأ {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً } (92) سورة النساء. فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ ففيه الدية والكفارة فكيف إذا قتل عمداً؟ فإن الجريمة أعظم والإثم أكبر، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما) رواه البخاري. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقْبل منه صرف ولا عدل) ومعنى الحديث أن المسلم إذا أمّن إنساناً وجعله في عهده فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعاً، ومن أخفرها وغدر بالذي أعطى الأمان من مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فكيف إذا كان من أعطاه الأمان هو ولي أمر المسلمين، وما فُعِل في مدينتي الخبر والرياض من قتل للنفوس المعصومة والاختطاف وأخذ الرهائن كل هذا لا يمت للإسلام بصلة بل نصوص الشرع تمنع منه وتحذر.
مواكبة الأحداث
* بحكم أن معاليكم على رأس جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل لديكم برامج جديدة توعوية وتثقيفية تواكب الأحداث المتتابعة التي تشهدها بلادنا تحذر من مخاطر هذه الفئة الضالة والمنكر الذي يرتكبونه؟
- نعم لدينا برامج متجددة وليست جديدة حيث إننا مستمرون فيها منذ زمن طويل وهي متخصصة في توعية جميع أفراد المجتمع وليس الشباب فحسب غير أن للشباب اهتماماً خاصاً نظراً لأهميته وخطورة هذه المرحلة من العمر وبالنسبة لهذه الأحداث الدامية والمؤسفة حقا فللرئاسة جهود تنصب بصورة مباشرة للتوعية من خطورة هذه الأعمال وخطورة الفكر المتطرف فلدينا الدورات التوجيهية لمنسوبينا فهي تتضمن محاضرات يلقيها عدد من كبار العلماء وثلة من طلبة العلم والمختصين تؤكد على التحذير من الغلو والتطرف وخطورة الخروج على ولاة الأمر وأهمية السمع والطاعة في غير معصية الله تعالى كما أن للرئاسة دوراً بارزاً ولله الحمد والمنة في إقامة مراكز توجيهية لعموم المواطنين والمقيمين تقام في أماكن الاصطياف والسياحة تقدم خلالها محاضرات وندوات وعروض تحذر من الغلو في الدين والإفراط والتفريط، كما أن ثمة دوراً إعلامياً ملموساً للرئاسة في هذا الصدد وذلك من خلال نشرة الحسبة وهي نشرة داخلية تصدرها الرئاسة حيث نشر فيها كم كبير من التحقيقات الصحفية والمواد الإعلامية الأخرى ذات العلاقة بالتحذير من هذا الفكر وكذلك ثمة دور مماثل وفاعل في هذا المجال أيضا للرئاسة في صفحة الرسالة التي تصدرها الرئاسة ممثلة بإدارة العلاقات العامة والإعلام في صحيفة الجزيرة كل يوم جمعة.
مسميات وأوصاف
* هناك بعض الأصوات التي تعارض إطلاق بعض المسميات والأوصاف على عناصر هذه الخلايا التدميرية من خوارج وإرهابيين ومنشقين وغيرها.. كيف تصنفون هذه العناصر التي استهدفت المواطن والمقيم وانتهكت حرمة المكان والزمان؟
- لا شك أن من يقوم بأعمال تخالف الشرع المطهر قد ضعف إيمانه بالله واليوم الآخر فلا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيماناً صحيحاً ويتقيه سبحانه يعمل هذه الأعمال الإجرامية، التي حصل بسببها ضرر عظيم وفساد كبير ولا شك أن الشريعة الإسلامية قد جاء فيها ذكر أوصاف المخالفين للشرع وتسميتهم والتحذير من أعمالهم فجاء في نصوص من الكتاب والسنة ذكر الخوارج والبغاة والمفسدين والفاسقين والطاغين. فلا يجوز أن ننزل على أحد وصفاً لا يستحقه ولا أن ننفي عنه وصفاً قد اتصف به. وهؤلاء الذين يعملون هذه الأعمال من الخروج على ولي الأمر وإزهاق الدماء المعصومة والأموال المحترمة هؤلاء هم ممن خرجوا عن طاعة الله ولا عبرة بمن يعارض وصف من اتصف بشيء من صفات الخوارج أو البغاة أوغيرهم إنما العبرة بالشرع المطهر.
العلماء الصف الأول
* يعتبر العلماء والدعاة هم الصف الأول الذين يأخذ منهم أفراد المجتمع السعودي المحافظ بكل طمأنينة وراحة فما دوركم في تكثيف المحاضرات وإقامة الندوات؟
- لقد قمنا بما في وسعنا وطاقتنا من طباعة الكتب النافعة التي ألفها علماء المسلمين الربانيين في مواضيع مختلفة ومن أهمها ما يتعلق بالعقيدة والعبادات والتحذير من المنكرات كلها سواء تعلقت بالعقيدة أو بغيرها وقمنا أيضاً بوضع المراكز التوجيهية والدورات العلمية التي تعقد بين وقت وآخر على مستوى الرئاسة أو الفروع أو المحافظات ودعوة العلماء وطلبة العلم للمشاركة والإفادة والتشاور والتعاون على البر والتقوى لكل ما فيه الخير للبلاد والعباد.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وأن يعينهم ويسددهم وأن يعزهم بطاعته وأن يعز بهم الحق وأهله إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
|