في ظاهرة لافتة وطنياً، قرأنا مشاعر بعض المواطنين في رسائل انسانية موجهة لاخوة لهم , مواطنين ايضاً انحرفوا عن الصواب.. تلك الرسائل التي نشرتها بعض الصحف المحلية كانت تحت بند الاعلان, اي أن هذا المواطن دفع من جيبه مادة اعلانية وطنية من اجل المشاركة في النسيج الوطني والاجتماعي.
تلك الرسائل الاعلانية، لمن لم يقرأها, كانت تحتوي النصيحة لمن ضُللوا وضَللوا, وهي دعوات منهم ليعودوا إلى الرشد والصواب, وطمأنتهم بأنهم لن يكونوا في حال عودتهم الا كما كانوا مواطنين يتمتعون بكامل حقوق المواطنة.
ان في ايجاز مثل هذه المشاعر دعوة اخرى إلى احتواء من عادوا إلى رشدهم استجابة لعفو الوطن, والناس, والحياة ايضاً, كما ان في استقبال من عاد منهم إلى الحياة السوية اعادة تأهيل الفكر والتوجه بما يؤكد مقولة رب ضارة نافعة, في وقت تزامنت به دعوات هؤلاء المواطنين مع عفو الوطن بأكمله ممثلاً في القيادة للصفح والعفو في المهلة التي حددت لذلك.
كل هذا لا يمكن ان يفسر او يؤول الا بمنطق صريح وهو العفو عند المقدرة.
هل نقول ان مسألة كهذه , وفي هذا الوقت تحديداً، تأتي ضمن تأطير مشاعر الولاء الشخصي, ام انها مفهوم آخر يجب ان نحتفي به, وهو ارتفاع مسؤولية الاحساس بالامن والوطن وتفاصيل الطمأنينة , وهي بذلك تدخل ضمن منظومة الوعي , الأمل والمبتغى؟
أظن ان مرحلة حرجة وحاسمة, تمر بها بلادنا, لم تكن لتمضي كأية احداث طارئة وعابرة, بل انها في القدر نفسه عبرت من انفاق حياتنا اليومية, وباتت تستهدف الجميع, كونها تأتي ضمن اهداف غير واضحة, وان اهدافها يمكن ان تصيب مضامين حياتنا وعيشنا, وقبل ذلك طمأنينة الناس في اوطانهم وبيوتهم.
قد لا نجد تشبيهاً لمثل الحالة التي نمر بها جميعاً وكأنها غمة, الا تعبير الروائي طاهر بن جلون (دخلنا عالم الوعي بفضل الالم, الذي بدا يتسرب الينا, وعي عنيف شديد متقد).
في النهاية , بقي ان نقول ان حالة عامة كهذه يجب ان تؤتي اكلها، ليس في وقتنا هذا فقط , بل لاستشراف مستقبل افضل بحول الله , يجعل ما حدث ماضياً وعبرة لمن اراد ان يعتبر.
|