* كيف نسمي ظاهرة الاستثمار (الطارئة)، في المخططات العقارية، سواء في المنطقة الشرقية، أو القصيم والرياض، ثم أخيراً في (مخطط الوسام) في الطائف..؟!.
* وكيف نسمي ظاهرة (الاكتساح) الاكتتابي في أسهم شركة (الصحراء)، التي نزلت السوق بطموح جمع (300 مليون ريال) تقريباً، فغمرتها سيولة نقدية هائلة، وصلت إلى (39 مليار ريال)..؟!!.
* من المؤكد، أن هناك سيولة نقدية عظيمة في السوق السعودية اليوم أكثر من ذي قبل، ولكني أعتقد بكل تواضع كمراقب لا أكثر، أن هذه السيولة الهادرة، تفتقد التوجيه الاستثماري السليم، الذي يحفظ في مستقبل الأيام، رأس المال المسال نفسه، ويحقق ربحية مقبولة، دون تقلبات، ويوفر منتجاً بنائياً في الحياة العامة للمجتمع.
* ليس لدي أي تفسير آخر مقبول من وجهة نظري، لحالتي (شركة الصحراء ومخطط الوسام)، سوى خبرتنا غير الناضجة، في توجيه الأموال الكبيرة هذه، واستثمارها فيما يحقق مصالح وطنية عليا، أكبر من الاستثمار في الأراضي البيضاء، تحت ضغط الربحية السريعة في الصحاري والقفار.
* مخطط الوسام في الطائف، قام على رأس مال معلن يقترب من المليار ريال، تمت تغطيته بالكامل من مستثمرين- صغاراً وكباراً- على حدٍ سواء، ثم وقعت الواقعة، حينما ظهرت إشكالات تتعلق بملكية الموقع نفسه، فانفض المولد في أول أيام المزاد، وانفضت معه أحلام كثيرة، كانت تتطلع، إما إلى امتلاك أرض سكنية، لبناء عش الزوجية في المستقبل، أو لتحقق ربحية عاجلة، تضاف إلى رأس المال المكتتب به في المشروع.. ثم لم يبق على أرض الواقع اليوم، سوى الخوف الذي اعترى صغار المستثمرين على وجه خاص، من ضياع تحويشة العمر ما لم يعالج الأمر سريعاً ويطمئن الناس على حقوقهم.
* لماذا هذا النوع من الاستثمارات العشوائية في جميع مدن المملكة، التي تجمد ثروات طائلة في مخططات خارج العمران، بينما كان يمكن توفير كثير من قنوات الاستيعاب، لو أحسنّا توجيه دفة الاستثمار في البلاد..؟.
* يبدو لي، أن الأسلوب المتبع في امتلاك مساحات كبيرة من الأراضي على أطراف المدن، إنما يقوم على تفكير بدائي عوضاً عن كونه يحمل كثيراً من المحاذير والمخاطرة بحقوق الآخرين، سواء أصحاب الأموال الخاصة أو المال العام نفسه..
* لماذا لم ينظم الاستثمار في هذا المخطط، وفي سواه من المخططات العقارية، على مفهوم متطور، بحيث تقام مدينة سكنية متكاملة بكافة مرافقها ووحداتها السكنية، وفق نظم البلديات، وعلى عين كافة الجهات، وأمام أصحاب الأرض والمال المستثمر، ثم بعد ذلك يقام المزاد على أعيان جاهزة.
* لماذا لا نستفيد من تجارب مماثلة في دول أخرى على سبيل المثال..؟!
* هذا السؤال يقودنا إلى ما هو أبعد من ذلك، مثلاً: لماذا هذا التوجه أصلاً نحو الأراضي البعيدة عن العمران، وتجميد المليارات فيها، بينما نحن في حاجة إلى المزيد من الاستثمار في ميادين التعليم، والصحة، وماء الشرب، والصرف الصحي، والخدمات العامة، والطرق، وغيرها كثير..؟ هل ينقص المستثمر السعودي هذا الفهم المتطور، الذي يدفعه إلى تلمس حاجة وطنه ومواطنيه، فيعمد إلى تلبية هذه الحاجات، في قنوات آمنة مضمونة الربحية، بعيدة عن المغامرات والمضاربات؛ التي اكتوينا بنارها منذ عدة سنوات، ثم ما زلنا نصطلي ونكتوي، وكأننا لا نعتبر، وكأننا لا نفهم الدروس..؟!.
* ربّما كان مثل هذا الفهم غير بعيد عن كثير من المستثمرين.. إذن: هل وفّرنا من الأنظمة والقواعد، ما يكفل توجيه هذه الاستثمارات بيسر وسهولة، لخدمة الوطن والمواطنين والمال المستثمر نفسه..؟.
* مليارات شركة الصحراء، أعطت مؤشرات قوية على قوة تأثير المال المسال في السوق، لكنها دلت في الوقت نفسه، على فقرنا في الفهم السليم على التوجيه السليم، وحاجتنا إلى قنوات كثيرة، لاستيعاب هذه الثروة بيسر وسهولة وأمان.
* وإفرازات مخطط الوسام في الطائف ومخططات أخرى في مدن عديدة، كشفت عن أمور كثيرة، أهمها: أننا لا نجيد التخطيط للمستقبل، ولا نتمتع بفضيلة الصبر في انتظار ما هو أفضل.. وإن السيولة النقدية، إذا لم تجد قنوات تصرف مقننة، سوف تصاب بأمراض، منها الحمى والاحتقان والتوهان، وإذا مرضت السيولة النقدية فإنها تندفع بعيداً إلى مخططات هنا وهناك، ربّما لا ترى نور الكهرباء، ولا الماء والهاتف، إلا بعد عشرات السنين.
إنني إذ أكتب وجهة النظر هذه، فإن حقوق صغار وكبار المستثمرين،هي أهم ما يشغلني وهي بحول الله محفوظة وفي أيدٍ أمينة.
إلى لقاء
* بعد ستة أيام، تبدأ إجازتي السنوية.. أستودعكم الله، وإلى لقاء قريب- إن شاء الله-.
tax:027361552
|