تهتم الأمم قاطبة بموضوع التربية وترسيخ موضوع المواطنة وترجمة ذلك إلى سلوك عملي، فتقدُّم الأمة مرتبط بتقدم أبنائها وإن عملية تربية الأجيال تربية صالحة وتكوينهم تكوينا علميا جيدا يتطلب تكامل جوانب التربية كلها الروحية والأخلاقية والبدنية والاجتماعية والثقافية، مما يحقق التكامل والتوازن في بناء الشخصية الإنسانية، وكم نحتاج إلى القدرات العلمية والإدارة القادرة على الدخول في تحد حضاري مع المجتمعات المنافسة. وتعزيز مفهوم المواطنة ثقافة وسلوكاً والاعتزاز بالوطن والدفاع عنه.
وتهتم الأمم بأبنائها لأنهم رجال المستقبل وعماده الأطفال هم رجال الغد، لذا فإن الاهتمام بالطفل أمر حيوي مما لا شك فيه، وقضايا الطفولة أصبحت ذات شأن واهتمام على مختلف المستويات، ومرحلة الطفولة هي أهم مرحلة من عمر الإنسان، لأنها بمثابة الأساس الذي يرتكز على بناء نفسه وشخصيته من جميع نواحيها الدينية والخلقية والجسمية والفكرية.. والطفل بطبيعته يحتاج إلى المزيد من الجهد والمثابرة في تربيته حتى يتخرج من مراحل دراسته. وتتفاوت مدة الطفولة في بعض المجتمعات، فبعضهم يراها تنتهي في سن العاشرة وآخرون بعد انتهاء المرحلة الابتدائية وآخرون يرونها طوال مدة الدراسة حتى يتخرج ويعمل، ولابن سينا رأي في مراحل الطفولة فهو يراها أربع مراحل:
1 - سن النمو.
2 - سن الوقوف.
3 - سن الانحطاط.
4 - سن الانحطاط مع الضعف.
ولكل مرحلة من تلك المراحل تربية ملائمة، وأن مسؤولية الطفل لتقع على عاتق الأبوين، ولقد اهتمت التربية الحديثة بالطفل وبصحته وتعليمه وعلى العناية بالطفل وحسن تربيته ومراعاة حقوقه وحسن سلوكه والإنفاق عليه من قبل ولِّيه، ومن حق الطفل على والديه حسن رعايته، فقد ورد في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته).. وأن الأسس التربوية السليمة هي في الاعتدال في تربية الطفل فلا تشدد ولا إهمال، وتوجيهه إلى الدين والأخلاق المستقيمة بالقول اللين والقدوة الحسنة والتنبيه على الأخطاء بالرفق واللين والتوجيه التربوي السديد.
إن تربية الطفل لمسؤولية عظيمة وكم تكون نفوس الآباء قريرة وسعيدة حين يرون أبناءهم وفلذات أكبادهم قد وصلوا إلى ذرا الأدب والنضج والعقل والخلق والاستقامة والسلوك الحميد.. وعلى الآباء أن يكونوا قدوة حسنة وإضاءة وهاجة ليتأثر أبناؤهم بسلوكهم، فكلما كان الوالدان قدوة حسنة في الأخلاق والقيم وحسن السلوك فإن الأطفال سيكونون كذلك.. فالقدوة عامل كبير في إصلاح الطفل أو إفساده وانحرافه فإذا كان المربي صادقا وفياً ومستقيماً تقياً فإن الطفل يتأثر به، وإن كان العكس نشأ الطفل على الصفات السيئة الذميمة، وفي الحديث (ألزموا أولادكم واحسنوا أدبهم وما ورث والد ولداً خيراً من أدب حسن).
فيجب أن نحرص على تحقيق التربية المثلى لأطفالنا وترسيخ الأخلاق الإسلامية في نفوسهم وأن نكون قدوة حسنة ومثلاً عالياً له، فبناء الأخلاق والأجيال يعتمد على حسن التربية والتقويم والتوجيه السديد دينياً وعلمياً وعقليا ومهنيا وتحقيق الأهداف التربوية للمساهمة في خدمة الوطن والحفاظ على أمنه ووحدته ومكتسباته، خصوصا في عالمنا اليوم الذي يموج بالكثير من الاضطرابات والتقلبات ..حقق الله الآمال.
|