Saturday 24th July,200411622العددالسبت 7 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الحوار يراد منه بيان الأحكام الشرعية وترسيخها الحوار يراد منه بيان الأحكام الشرعية وترسيخها
صالح بن فوزان الفوزان/ عضو هيئة كبار العلماء

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:
لا شك أن الحوار بين المختلفين في أمر من الأمور يراد به بيان الصواب وتجنب الخطأ، ومن هنا شرع الله سبحانه المجادلة بالتي هي أحسن وشرع الشورى وشرع المناظرة والمباهلة. قال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}، وقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، وقال تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، إذاً فالمقصود من الحوار والمناظرة والشورى والمباهلة استبيان الحق ومعرفة الخطأ وإقامة الحجة على المخالف، وهذه البلاد السعودية - ولله الحمد - قامت دولتها على الكتاب والسنَّة وتحكيم الشريعة والتمسك بالعقيدة الصحيحة وضمنت هذه المقاصد العظيمة في مناهج تعليمها وسياستها الداخلية والخارجية. والتزمت بإقامتها. فمن كانوا يتوقَّعون من الحوارات أن تتغيَّر هذه الثوابت فإنهم واهمون ويظهر هذا التوقّع وهذا التوهم من تعليقاتهم في الصحف وغيرها بعد نهاية كل حوار بأن هذه الحوارات لم تأت على المستوى الذي كانوا يتوقَّعونه منها.
ونحن نقول: هناك مسلَّمات لا مجال للحوار فيها كأمور العقيدة وأحكام الشريعة والحقوق الواجبة بالكتاب والسنَّة لله سبحانه ولعباده، قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. وحقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها وحقوق المسلمين عموماً وحقوق المرأة سواء أكانت زوجة أو أماً أو أختاً أو قريبةً أو أختاً مسلمة غير قريبة، وحقوق المستأمنين وأهل الذمة من الكفار. وحقوق المواطنين. كل هذه حقوق قررها الإسلام وأمر بإعطائها لمستحقيها. يبقى النظر في المشاكل التي قد تعترض هذه الحقوق ويرجع فيها إلى المحاكم الشرعية قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، وقال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}. وأما الأمور المستجدة في المعاملات وغيرها فالنظر فيها لهيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية. وأمور السياسة والأحكام السلطانية مردها إلى أولي الأمر. كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}. وأما الأمور الفكرية والثقافية فيرد النظر فيها إلى مؤتمرات الحوار الفكري للاستفادة من الفكر المستقيم والبعد عن الفكر المنحرف الذميم. وأما الحقوق الوطنية فيرجع فيها إلى الدوائر المتخصصة بالنظر فيها وإلى الوزارات ذات العلاقة، وهكذا نجد أن الإسلام - ولله الحمد - قد نظَّم شؤوننا وأمر برد الأمور إلى نصابها كل في اختصاصه. وأما أن يرضى الناس كلهم عنا فهذا مستحيل، ولكن حسبنا أن نرضي الله ونقيم العدل بين الناس ما استطعنا ولو سخط من سخط.
قال الشاعر:


إن نصف أعداء لمن
ولي الأحكام هذا إن عدل

وقال آخر:


لو أنصف الناس استراح القاضي
ومال الجميع إلى التراضي

هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved