لا تسلني عن حروفٍ دامياتْ
بعدما قالوا: (أبو سلمانَ) ماتْ
لا تسلني عن دموعي، إنها
ترجمت ما لم تترجمه اللغاتْ
لا تسلني كيف ليلي بعده
فالليالي موحشاتٌ قاسياتْ
كم تمنينا.. ولكن المنى
كالصحاري المقفرات المهلكاتْ
في فؤادي ألف جرْحٍ نازفٍ
يا مجيري من جراحٍ نازفاتْ
أيّ سلوى بعد نجمٍ آفل؟
إنما الدنيا سبيلٌ للمماتْ
إنما الدنيا بريقٌ زائفٌ
والمنايا كالوحوش الضارياتْ
أين من كانت به الدنيا رُبى؟
أين منْ يأسو النفوس الشاكياتْ؟
كان يأسو كل (طفلٍ) زاره..
بحنانٍ.. ويواسي الوالداتْ
وبه داء عسيرٌ برؤه..
موقناً من بعده أنْ لا حياة
كان يدري أنه درب الرَّدى
والرِّضا عنوان تلك الضامئاتْ
آيةٌ في صبره لا يشتكي
يبتغي نيل الجنان العالياتْ
قمة في حلمه.. في علمه
كان مشكاةً تنير الداجياتْ
أسوةٌ في الجدِّ .. في إخلاصه ..
والتعاطف والتواضع والأناة..
قدوةٌ في قوله.. في فعلهِ
كيف لا؟!.. إن المواقف شاهداتْ
زانَه الله بعلمٍ نافعٍ..
وصلاحٍ وابتسامٍ في الوفاة..
تلكم الحال لسانٌ قائلٌ:
هكذا قول النُّهى.. فعل الثباتْ
إن تقولوا فاعملوا لا تنثنوا
واجعلوا الأعمال دوماً صالحاتْ
(آلَ جار الله) قولوا: إنَّما
هذه الأيام مثل (الصافناتْ)..
إيهِ يا (أختاه) صبراً.. إنّما
نالت البشرى النفوسُ الصابراتْ
إيهِ يا (سلمانُ) لا تحزنْ.. وقلْ:
كلّ ما قد خُطَّ في الأقدار آت
ليست الأسقامُ.. بل آجالُنا
داعيات الموت.. هيهات النجاة
ليس في الأمراض داءٌ معضلٌ
إنما الداء العضال في المماتْ
إنه ماضٍ على درب الأُلى
سبَّحوا لله.. أصحاب الصلاة
والليالي بالمآسي حافلاتْ
والأفول مآل كل الكائناتْ