إن دأب الحياة الجادة الارتقاء، ودأب الحياة الراكدة الجمود، وإدارة الاتصالات العامة، بدل أن تجد وترتقي بخدماتها، لتكسب المتعاملين معها، ومزيداً من مشتركين جدد، لاسيما وأن أمامها منافسة قادمة، ونحن ندرك دور التنافس، خدمات متميزة، وتخفيض في تكاليف المكالمات، وإعطاء مكالمات مجانية داخلية في أوقات تحددها، ليس فيها تزاحم، كما رأينا في فرنسا وغيرها.!
* غير أن إدارة اتصالاتنا تزحف إلى الخلف، وليس إلى الأمام، ويبدو أنها تظن في حساباتها المغلوطة أنها تحسن صنعاً، وأسوق في السطور التالية نمطاً من تلك الممارسات التي تتعب المشترك وتنفره.!
* في الخدمات خط (مجاني)، وقد كان في البداية جائر التكاليف، بعشرة آلاف ريال، وهو تقدير جزافي غير محسوب ولا مقنن، وإنما هو عشوائي مزاجي.!
* حينما يتقدم الراغب في الحصول على خط -جوال-، تحدد المصلحة الحد الائتماني بخمسمائة ريال، وقد يقدر موظف ما ذلك المبلغ بثلاثمائة ريال.. وفجأة ينفد مبلغ الائتمان، وتجد هاتفك خارج الخدمة، وقد اعتراه الخرس.. وحين الاتصال بقسم الخدمات على رقم (902)، يطلب إليك، مراجعة أحد مراكز الاتصالات -لدفع قيمة الفاتورة-، وحين زيارة إحدى إدارات الاتصالات، يأخذ المراجع، وقد ترك عمله، يأخذ رقماً، وينتظر دوره ليحصل على الفاتورة، ثم عليه أن يذهب إلى أحد المصارف -البنك-، لسداد قيمة الفاتورة، ويظل في (طابور) طويل في أحد البنوك، حتى يتاح له دفع قيمة الفاتورة.. ويعود ثانية، ليخبر الرقم (902) أنه قد دفع ما عليه، ويتأكد القسم المختص عبر الجهاز الخاص بالسداد، ليعيد لهاتفه الحياة مجدداً، وتتجدد الجولة إذا انتهى الائتمان.!
* هذا عمل معطل ومربك، وأنا أدرك أن بعض المشتركين يمارسون البلطجة في الدفع، وإدارة المؤسسات تريد أن تحفظ وتحافظ على حقوقها، وهذا شيء طبيعي، لكن المطلوب أن تيسر ولا تعسر، وفي إمكانها أن تأخذ مبالغ ائتمانية مسبقاً بدرجات، وراغب الخدمات يدفع، أو يأتي بضمان بنكي إلخ..!
* إن انخراس الهاتف فجأة عمل مغلوط معطل، بل إنه عمل رديء، يسير إلى الوراء، ويردي الخدمات السريعة في القرن الحادي والعشرين، ولم أر في دول الخليج أو سواها من يمارس هذا المسلك، الذي تسير فيه إدارة الاتصالات عندنا، وقد حدث لي في شهر مارس الماضي، حين صمت جوالي وأنا خارج الوطن، ففزعت إلى صاحبي، الذي أنقذ الموقف بدفع ائتمان جديد، وظننت أن ذلك لا يحدث لي ولا لأمثالي لاسيما ونحن ممن دفع عشرة آلاف ريال في الزمن المبكر، ولم نأكل حقوق الاتصالات خلال تعامل يمتد إلى عهد وزارة المواصلات، وقبلها إدارة الهاتف قبل نشوء الوزارات، أي أن ملفي وتاريخي -نظيفان-، لكن حتى هذا لم يشفع، لأنا نتعامل بلا ذاكرة.!
* أكبر الظن ان هذا المسار الذي تسير فيه الاتصالات عندنا ارتجالي، فهي تستطيع ان تحافظ على حقوقها بسبل أخرى غير معطلة للمتعامل الذي هو في قبضتها الفولاذية، والمشترك لا يجد من يحميه، لأنه لا حقوق له في ظل ممارسات معطلة، تضر به، ولا يؤبه له، لأنه لا حق له في منطق من يتعامل معهم، وإدارة الاتصالات العامة نموذج في تعاملها المربكة.!
* في مساء الثلاثاء 25-5-1425هـ، كنت أحاول الاتصال بالمدينة المنورة من منزلي في جدة، وفوجئت بتسجيل يخاطبني: (مكالمتك لا تتم حسب الطريقة التي استعملتها، فضلاً تأكد من الرقم الصحيح وشكراً). ولم أدر ماذا حدث، لأن الرقم الذي أريد محادثة أهله أحفظه فما مصدر الخطأ.. ويوم الأربعاء خاطبنا الرقم (907)، فقيل لنا إن إدارة الهاتف ترغب منا صورة من بطاقة السجل المدني، بطاقة الأحوال حسب التعليمات المبلغة إليها.. وقلت: كان ينبغي أن تعلن إدارة الاتصالات في الصحف، كما صنعت حين أدخلت الصفر الجديد في الجوال، إن عجزت عن الاتصال بالمشتركين لكثرتهم.. ورأيت أن البنوك حين تجديد معلومات عن صاحب الحساب، لا توقف السحب مما يملك. غير أن ممارسات الاتصالات شيء عجيب، يعطل أعمال الناس، وإن تصرفات إدارة الاتصالات هذه شيء ما كان ينبغي أن يحدث، لأنه عمل غير مشروع، وإنما هو أدعى إلى ممارسة غير مقبولة، ليس فيها شيء من حق يسمح بهذا التعامل الذي ليس فيه احترام لكيانات المشتركين، الذين تتحكم إدارة الاتصالات في حقوقهم المشروعة بمنطق الحق والعدل، وأسلوب التعامل الكريم..
|