** قمة العدل..
هي أن يعدل الإنسان مع نفسه.. فيتذوق عذوبة العدل..
فيهبها للآخرين من حوله..
الذين يظلمون أنفسهم لا يمكن أن يمنحوا الآخرين عدلاً يخلصهم من الظلم..
وكثير من مشاكل المرأة لدينا تنطلق من ظلمها لنفسها.. فلو بدأت هي بالعدل مع نفسها لجعلت كثيرين من حولها يعدلون معها..
** كيف تهب العدل لامرأة تقبل هي الظلم وترحب به وترى أنه هو قدرها الذي لا بد أن تستسلم له وربما أوحى لها البعض أن استسلامها له نوع من التعبد لله سبحانه وأنه يندرج تحت الاستسلام للقدر! وأنه من خضوع المرأة لزوجها الموصل للجنة!!
** كيف تقبل امرأة مسلمة تعرف وتدرك بفعل أنها متعلمة..؟! إن الدين أوجد لها مخارج كثيرة لكي تعدل مع نفسها وتخلص نفسها من الظلم الواقع عليها..
** كيف تنزل المرأة من قدرها وتقبل بأن تكون زوجة بالاسم.. حبر مكتوب على الورق.. بينما زوجها يسافر ويجوب أنحاء المعمورة لا يعود إليها إلا لماماً!
وحين يعود فهو صارخ في وجهها مشمئزاً منها.. يحقرها لفظاً وفعلاً..
من أوحى إليها بأن الصبر عليه هو قدرها وأن الفكاك منه يعني هزيمة نفسية واجتماعية!
** من أوحى لطبيبة تداوي الناس بأن ضرب زوجها لها أمر طبيعي يفعله كل الرجال (الأشاوس).. وما الذي يجعل امرأة مثقفة مستقلة فكرياً ومادياً كونت ذاتها وشقت طريقها نحو النجاح تقبل أن تمتد يد زوجها لها ضاربة..
كيف تجلس هذه الطبيبة مع مرضاها وتداويهم وهي امرأة مهزومة ضعيفة تظلم نفسها كل دقيقة حيث تقبل هذا الوضع خوفاً من أن تطالها كلمات الناس بأنها مطلقة وفاشلة أسرياً..
** لا نستطيع مهما اجتمعنا أن ننصف المرأة إذا لم تبدأ هي بإنصاف نفسها والثأر لكرامتها من أي مساس بها..معتزة بدينها الذي وقرها وحفظ لها قدرها!
** منذ طفولتي.. كنت أكره المرأة الضعيفة وما زلت.. إذ المرأة تجسدت بصورة أمي تلك النجدية القوية التي اقتحمت حريقاً منزلياً خلف بيتنا لكي تنقذ خرافاً محبوسة بين الدخان..
لقد شقت صفوف الرجال الذين وقفوا صامتين خائفين من المجازفة.. وكنت طفلة تركت يدي أمي لتقتحم الخطر مدفوعة بالرأفة والشفقة على الحيوان!!
وبكل شجاعة وقوة وجرأة دخلت بيت الجيران وأخرجت شياههم المسكينة أمام مرأى من كل المجتمعين..!
تعلمت من يومها أن القوة والشجاعة والجرأة صفات لا علاقة لها بالجنس.. وأن تاء التأنيث ليست معادلاً للضعف والاستكانة!
** والمؤلم أننا سنظل نكرر ذات الاسطوانة لأجيال قادمة حول مشكلات المرأة لأن بعض الأمهات الحديثات - أيضاً - يعلمن بناتهن أن الصبر والاستسلام وقبول الواقع بكل ما فيه هي من متلازمات النساء وأن المرأة لا تكون امرأة حين تكون قوية وشجاعة وجريئة!! وأن عليها أن تكون مستسلمة لقدرها (الرجل) بكل ما فيه لأنه هو وسيلتها الوحيدة لحياة مقبولة اجتماعياً!!
|