Saturday 24th July,200411622العددالسبت 7 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
من لغو الصيف
عبدالله بن بخيت

هذه المرة الثانية أو الثالثة التي استولي فيها على هذا العنوان. لا أعتقد أنه عنوان جميل ولكنه بالنسبة لي عنوان مليء بذكريات ثقافية لا تنسى، يعيدني إلى سنوات التكوين الأولى عندما كان طه حسين مالئ الدنيا وشاغل الناس. لا أجد أفضل منه للتعبير عن حالة الطفش التي تصيبني في فصل الصيف، أستعيره ليمنحني شيئا من العزاء، لأشعر أني لست وحدي من تتدنى عنده الرغبة والقدرة على الكتابة.
تغيبت عن قرائي في هذا الموسم حتى الآن ثلاث مرات، من بينها يوم الأربعاء الماضي، لا أستطيع أن أكتب ثلاث حلقات أو أربعا دفعة واحدة فأنا أكتب كل يوم بيومه، ما عدا الكتابات التي تتسم بالتسلسل، غياباتي الثلاث جاءت في الصيف والسبب يعود إلى اختلال في برنامجي اليومي وحالة الرخاوة التي يسببها الحر، في غير موسم الإجازات أصحو من النوم الساعة الخامسة والنصف صباحاً، لأني مضطر أوصل أطفالي إلى المدرسة، فليس لدي سواق فأنا أنتظر أن تأذن الحكومة للمرأة بالسياقة عشان أكبر المخدة وألزم أم محمد بتوصيل عيالها، أفرض شخصيتي، عندما أصحو الساعة الخامسة والنصف أكسب وقتاً طويلاً للعمل، أكون في مكتبي الساعة السابعة بالضبط، كأني موظف زار عليه رئيسه. أبدأ في كتابة زاوية يارا، أنتهي من كتابة النسخة الأولية من النص الساعة الثامنة والنصف وهو موعد وصول الجرائد، أقلب الجرائد مدة نصف ساعة فقط. أنا لا أقرأ الجرائد كشيء مهم، مسح سريع، لولا بعض الكتّاب (وهم قلة ولله الحمد) لما فتحت الجرائد أصلا، ثم أعود مرة ثانية أعالج المقال بطريقة النحت. فأنا أظن أن العملية الكتابية تكمن في الحذف وليس في الإضافة، فالكتابة أقرب إلى عملية النحت، عندما أكتب النسخة الأولى أكتب كل شيء يطرأ على بالي بلا حسيب ولا رقيب، لا تهمني الأفكار، لا تهمني اللغة، لا يهمني سوى أن أقول وأسجل كل ما يتصل بالموضوع الذي أعالجه، يصل حجم النسخة الأولى في كثير من الأحيان إلى أربع صفحات والمطلوب هو صفحة وربع فقط، عليّ الآن أن أعمل على نحت ما أريده من هذا النص الكبير، هذا يستغرق حوالي ساعة، بعدها أستريح قليلاً وربما أعود إلى الجرائد مرة أخرى أقلبها وأقرأ ما فاتني أو ما وعدت نفسي بقراءته. وبعد أن أتأكد أن مسافة ما تشكلت بيني وبين النص أعود وأقرأه القراءة الأخيرة ثم أتخذ قرار إرساله. روتين تشكل على مدى سنوات، يختل في الصيف عندما يتوقف أطفالي عن الذهاب إلى المدرسة فأقع في حيص بيص، مرة أستيقظ الساعة السابعة ومرة أستيقظ الساعة العاشرة، طبعاً هذا ينعكس على الانضباط في العمل والالتزام بالمواعيد وعلى جودة الإنتاج. كم مرة تمنيت أني مليونير حتى لا أعمل في الصيف، فالصيف في نظري مدعاة للكسل والراحة والسفر، ينتابني الشعور أن القراء لا يقرؤون الجرائد في الصيف إما بسبب السفر أو بسبب الكسل، يتخلون عن عاداتهم المرعية، لا يبقى في البيوت سوى القراء الطفارى الذين لا يملكون حق السفر أو الذين تفرض عليهم ظروف عملهم البقاء حيث يعيشون. أتعس ناس هم سكان الرياض في الصيف، تخترش مدن المملكة المختلفة بالفعاليات والحفلات والسياح، ما عدا الرياض، سمعت أن هناك استعدادات لإقامة فعاليات صيفية العام القادم، سننتظر ونرى. أتمنى أن تتميز الرياض بإقامة معرض كتاب صيفي، أن يكون معرضاً للكتب التي تروج للجمال والفن والأعمال الإبداعية بعيداً عن كتب التعسف وغسل الأدمغة والاستيلاء. كما أرجو أن تتميز فعاليات الرياض الصيفية بإقامة معارض فنية تعرض فيها لوحات عالمية تدعى من متاحف العالم المختلفة، فالرياض تحتاج إلى تنشيط حساسية الجمال عند سكانها. على كل حال أعتذر عن غيابي يوم الأربعاء الماضي وأتمنى ألا يتكرر.

فاكس : 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved