أهمية بناء جسور بين أمريكا والإسلام

  إن مستقبل أمريكا محاصر بالعالم الإسلامي. فهل هذا التوقع صحيح في عالم اليوم؟ يصر إمام مسجد مدينة نيويورك (المسجد يقع على بعد 12 بناية من مركز التجارة العالمي) على أن الأمر ليس كذلك.ومن خلال نظرة تاريخية موسعة وعميقة في كلا العالمين يقدم لنا إمام المسجد فيصل عبد الرؤوف رؤية مشجعة وخطة طموحة من أجل نبذ أنماط الماضي وقوالبه الجامدة وخرافاته التي تدعو إلى الشلل وإعاقة الحركة.
وهذه رحلة استكشافية داخل عقل وقلب كل مسلم غربي يسعى إلى أرضية مشتركة للتفاهم ومثال متحرك يدل على أثر التجربة الأمريكية.
ويمكن لعنوان الكتاب الرئيسي القائل (ما هو الإسلام الحقيقي) أن يتلوه عنوان فرعي يقول (ما هي أمريكا الحقيقية).
وباعتباره مسلماً أمريكياً ولد في الكويت وحصل على درجة جامعية من جامعة كولومبيا، استوعب عبد الرؤوف التاريخ الأمريكي والقيم الأمريكية المدنية والدينية على نحو يمكن أن يجعل الكثير من المواطنين الأمريكيين يشعرون بالخجل.
ومن خلال هذا التحليل الغزير المعلومات، يهدف المؤلف إلى التوضيح لكل من الشرق والغرب، على حد سواء امكانية التوافق بين القيم الأمريكية والقيم الإسلامية.
والواقع أنه يصف الولايات المتحدة باعتبارها بلداً تجسد مبادئ الشريعة الإسلامية! ويرى أن الدليل على ذلك هو قيام المسلمين من جميع أنحاء العالم بالسعي نحو الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية.وقد أتى عبد الرؤوف إلى أمريكا وهو في سن المراهقة بعد أن عاش في مصر وماليزيا وانجلترا.
إن هذا الكتاب هو محاولة استنباط إجابة للنداءات التي تطالب المسلمين المعتدلين بالحديث حيث يعكس حبه العميق لعقيدته وللقيم الأمريكية ولكنه يوجه نداء عالي النبرة لأمريكا لكي تعمل طبقا لقيمها في ذلك الاختبار الأكثر جدية الذي تواجهه على مدى جيل.ومن خلال شرح تعاليم الإسلام الجوهرية ومراجعة شاملة للتاريخ الأمريكي والإسلامي، يرى أن الصراع الحالي ليس صراعاً يتصل بالدين ولكنه مثل معظم الصراعات، صراع على النفوذ والموارد الاقتصادية.فالمسلمون حول العالم يؤمنون بالمبادئ التي تسود في الدولة الأمريكية ويريدونها لأنفسهم ولكن المشكلة هي أن (أمريكا قد تصرفت عبر التاريخ على نحو يعطي انطباعاً قوياً بأنها تهدف إلى حرمان المسلمين من حقوقهم المشروعة).لقد جاء هذا الكتاب في وقته، حيث تبين الدراسات المسحية أن التوتر بين المسلمين والغرب قد بلغ حداً لم يبلغه من قبل. فالمسلمون الأمريكيون في وضع يؤهلهم للمساعدة في إحداث التغيير من خلال التوافق بين القيم على الجانبين والمعاونة في التنوير ومعرفة كلا منهما للآخر.ولكن المؤلف يحذر من أنه عند مقارنة العقائد من المهم عدم مقارنة المبادئ بالممارسة ولكن يجب مقارنة المبادئ بالمبادئ والممارسات بالممارسات.
ويرى عبد الرؤوف أن الديانات السماوية تشترك في الجذور المتمثلة في حب الآخرين وهي المبادئ التي يرى أنها متجسدة في إعلان الاستقلال وفي الدستور. ففي الإسلام، يحض القرآن على تكوين مجتمع الخير والعدل.والأوامر القرآنية تجعل ذلك مسؤولية يتحملها المسلمون مثل الصلاة تماماً، أما بالنسبة للأمريكيين، فإن ذلك يعتبر هدفاً دنيوياً (أو علمانياً).وهذا يساعد على شرح الطريقة المختلفة التي ينظر بها المسلمون إلى الدولة.
ولكن يرى عبد الرؤوف أن ذلك لم يمنع من ازدهار التعددية خلال فترات زاهرة من التاريخ الإسلامي. وهذا يمكن أن يرى على أنه يتوافق مع الرؤية الخاصة بالأغلبية في المجتمع الأمريكي التي ترغب في تغلغل الدين في المجتمع بصورة أكبر.
ويؤكد المؤلف ان التقدم الكبير في عالم الاقتصاد قد يكون أولوية حيوية للمجتمع المسلم أكثر من التحقيق الكامل للديمقراطية.