شارون المختل!
التصريحات الأخيرة التي صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون ضد فرنسا تؤكد بما لا يدع مجال للشك الورطة التي وضع هذا الأخير نفسه فيها ، ليس لأنه اتهم فرنسا بمناهضة السامية، و ليس لأنه يدعو اليهود الى مغادرة فرنسا، بل لأنه يؤكد للجميع أنه (مختل عقليا) و أن تصرفاته الحالية ما هي إلا انعكاس للوضع الراهن الذي تعيش فيه إسرائيل بحثا عن (ضحايا دوليين) يمكن الزج بهم داخل الصراع غير المنتهي في منطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الإسرائيليين الرافضيين للحوار و المندفعين نحو الحرب.فرنسا التي عارضت و تعارض الجدار الإسرائيلي العنصري العازل هي نفسها التي تعارض سياسة القتل و الاغتيال التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، و هي نفسها فرنسا التي تقف مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي ضد احتمال الحرب المطلقة في الشرق الأوسط، و التي لن تخدم أحداً، فلا يمكننا إذا أن نُتهم بأننا ضد السامية حين نرفض الجريمة مهما كان وصفها أو مرتكبيها.المسألة اليوم هي ما يمكن فعله للتصدي لهذه الحملة الشرسة التي تشنها الصحافة الإسرائيلية ضد فرنسا، لأنها حملة تأتي موازاة مع حملة مماثلة في الصحافة الأمريكية، و مع تصريحات كبار الشخصيات الإسرائيلية و الأمريكية لأجل (عزل) الموقف الفرنسي أوروبياً و دولياً.
فرنسا ليست مضادة للسامية، و لكنها ترفض أن يكون التفكير الحربي الإسرائيلي سبباً في إشعال فتيل الحرب في منطقة الشرق الأوسط، و ترفض الانحياز السياسي الدولي المطلق الى إسرائيل المتباهية بمحاصرة المدنيين الفلسطينيين من النساء و الأطفال و الشيوخ و المقعدين، و ترفض ما يفعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بحجة ( مطاردة الإرهابيين) في غزة و رفح و رام الله و جنين.
شارون يريد أن يبرر عجزه السياسي الكبير، بالخصوص بعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية عن رفضها للجدار العازل، و هو الرفض الذي يعني أن كل المعتقدات الإسرائيلية مبنية على العنف و الضغينة التي قامت عليها السياسة الإسرائيلية الرافضة للرأي الآخر، و الرافضة للحوار..فهل هو مفترق الطرق إذاً؟
نحن نقولها للمرة المئة اننا لا نعادي السامية، إنما نعادي جنون الحرب و الدمار الشامل التي تمارسه إسرائيل في الأراضي المحتلة و هو الذي يغضب الإسرائيليين والأمريكيين منا!
(لومانيتي) الفرنسية
***
مضاعفات الانسحاب الفلبيني
قبل عامين امتدح الرئيس الأمريكي جورج بوش الفلبين على اعتبار أنها صديق (مقرب) وحليف (شجاع) في الحرب ضد الإرهاب. ولكن ربما لن تظل هذه الصفات قائمة هذا الأسبوع مع سحب الفلبين لقواتها من العراق. فالولايات المتحدة تراجع علاقاتها مع الفلبين بعد قرار الرئيسة الفلبينية جلوريا أرويو سحب قوات بلادها التي لا يتجاوز عددها خمسين جندياً من العراق تلبية لمطالب جماعة عراقية مسلحة اختطفت سائق شاحنة فلبيني وهددت بقتله في حالة رفض الانسحاب.
وكما انسحبت إسبانيا من العراق في أعقاب الهجمات الإرهابية على عدد من القطارات في العاصمة مدريد في الحادي عشر من مارس الماضي مما أدى إلى الاطاحة بحكومة رئيس الوزراء السابق وحليف بوش الوثيق خوسية ماريا أثنار جاءت الفلبين لتنسحب من العراق وتكشف عن حلقة ضعيفة أخرى في تحالف بوش المناهض للإرهاب.
وقرار أرويو كقرار إسبانيا يبعث برسالة للإرهابيين تقول إن حلفاء الولايات المتحدة الآخرين وربما الولايات المتحدة نفسها يمكن أن يستجيبوا لمطالبهم.وهذه رسالة من الخطأ إرسالها وبخاصة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل. على الإدارة الأمريكية أن تسيطر على غضبها من الفلبين.فالحكومتان مازالتا تحاولان اصطياد المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة في جنوب الفلبين. و دون موقف أمريكي واضح يكشف عن مدى الاستياء والاحتقار للموقف الفلبيني قد يحذوا حلفاء آخرون مثل كوريا الجنوبية حذو مانيلا وينسحبوا من العراق.وقد سبق للرئيس بوش أن حذر دول العالم في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بأن (من ليس مع أمريكا فهو ضدها) في الحرب ضد الإرهاب. ولكن هذا التحذير أصبح مشوشا الآن. فالولايات المتحدة اضطرت إلى تقديم بعض التنازلات للعديد من الدول التي يريد قادتها مساندة التحركات الأمريكية ولكنهم يواجهون معارضة داخلية قوية. فأمريكا لا تستطيع المخاطرة بكل تحالفاتها الأمنية في آسيا وأوروبا من خلال الضغط بقوة على الحلفاء الذين لا يستطيعون تلبية التوقعات الأمريكية.
(كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية
***
ثغرات في تقرير (باتلر)!
كانت هناك أسئلة عديدة تمنينا لو أن تحقيق اللورد باتلر بشأن تقارير المخابرات البريطانية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل شن الحرب ضد العراق قد أجاب عليها.
من هذه الأسئلة: هل قدمت المخابرات البريطانية إلى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالفعل معلومات موثقة تبرر هذه الثقة الكاملة التي تحدث بها عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل؟ وهل عبر بلير بدقة عما قدمته له المخابرات من معلومات خلال حديثه للشعب؟ وهل مارست رئاسة الوزراء أي ضغوط على المخابرات لكي تبالغ الأخيرة في تصوير خطورة صدام حسين ؟ من العدالة القول بأن اللورد باتلر وجه بعض الانتقادات المنطقية للحكومة وأساليبها. فقد استهجن بشدة إصرار بلير على ادعاء أن صدام حسين كان قادرا على إطلاق أسلحة الدمار الشامل لديه خلال 45 دقيقة رغم اعتراضات كبار مسؤولي المخابرات البريطانية على ذلك.
وكانت مشكلة بلير من وجهة نظر باتلر أنه كان يحتاج إلى إقناع الرأي العام البريطاني وأعضاء حزب العمال الذي يتزعمه بما يؤمن به وهو أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل في الوقت الذي كانت الأدلة التي لديه غير كافية لتحقيق هذا الهدف لذلك فإنه لجأ إلى إعادة صياغة بعض العبارات في تقرير المخابرات وتعديل بعض الأفعال واستخدام مفردات مختلفة حتى يتمكن من تقديم قضيته للرأي العام بصورة مقنعة. سوف يتساءل الشعب البريطاني عن السبب الذي جعل اللورد باتلر أقل حدة في تقديم الحقائق ونتائج التحقيق من لجنة التحقيق التي شكلها الكونجرس الأمريكي لمراجعة القضية نفسها على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي.
الإجابة هي أن المخاطر التي ينطوي عليها كشف الحقيقة في بريطانيا بالنسبة لبلير أعلى كثيراً منها في أمريكا التي اتفق فيها الرأي العام على أن تغيير نظام الحكم في العراق سبباً كافياً للحرب. فقد كان مستقبل بلير السياسي على المحك في التحقيق الذي أجراه اللورد باتلر وهو ما أقنع اللورد المحقق بأن إنهاء الحياة السياسية لرئيس الوزراء البريطاني ليست مهمته.
(سباكتاتور) البريطانية |