إن السلف الصالح ولا سيما العلماء منهم تعاملوا مع منهج الوسطية بكل اهتمام وأخذوا بعين الاعتبار بالقاعدة الشرعية (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فلهذا استطاعوا أن يخدموا هذه العقيدة بعقلية متحضِّرة تجعل مفهوم دين الفطرة واضحاً في تعاملات المسلمين بينهم وبين الأمم الأخرى، وقد استمر هذا النهج من مئات السنين إلا أنه في السنوات الأخيرة ونتيجة لعدم توظيف منهج الإسلام في الكثير من الدول العربية والإسلامية مما جعل بعض الشعوب تتعامل مع مُثل الإسلام وقيمه من خلال ما يطرح في وسائل الإعلام وما يكتب في الكتب من كتَّاب محسوبين على الإسلام، وهؤلاء أخذوا من الإسلام قشوره ولم يتعمقوا في اصوله وثوابته والتي مصدرها العلماء المعتبرون، ومن الأمور التي نشاهدها في الساحة اليوم نظرة بعض المسلمين ولا سيما الشباب تجاه المعاهدين من أصحاب أهل الكتاب، والتي على ضوئها سلك الكثير منهم سلوكاً سيئاً ألحق الضرر بالإسلام والمسلمين وأوجد خللاً في تحقيق المعاني السامية للإسلام التي قوامها السلام والمحبة ونتذكَّر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوفد الذي ذهب إلى كسرى لدعوته إلى الإسلام حيث قالوا له فيما معناه نحن جئنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وقد تكررت هذه السلوكيات والتصرفات من الشباب المحسوبين على الإسلام وخصوصاً في المملكة العربية السعودية والمتمثِّلة في ممارسة التفجيرات والاغتيالات والتي تجاوز هدي الإسلام دين الرحمة والرأفة في كل شيء فحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونصه ما يلي: (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).. هذا إذا كان مع الحيوان فكيف مع الإنسان الذي كرَّمه الله في قوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} فلهذا كيف نقنع أنفسنا بالممارسات التي ارتكبتها هذا الفئة الضالة بحق الإنسان وهل يوجد عندها ذرة من رحمة لا أعتقد ذلك، ولعل ما شاهدناه من طريقة إعدام الرهينة الأمريكي في موقف تقشعر منه الأبدان وتشمئز منه النفوس أكبر دليل على ذلك وهي هدية تُقدَّم لأعداء الإسلام لتشويه الإسلام والمسلمين.
والله الموفق.
|