ديننا الإسلامي يتميز بالنظام والتخطيط عبر حقباته الزمنية المختلفة ويمقت العشوائية بصورها المختلفة.
ليس عيباً أن نطرح تصوراتنا حول ما يجري بحياتنا اليومية بصورة منطقية لا تناقض الدين والعادات وربما الصمت يكون جرماً نجني عواقبه مستقبلاً.
المتأمل لبعض المناطق الكبيرة بوطننا يلفت نظره كثرة المساجد المتقاربة من بعضها وتداخلها بصورة عشوائية تسلب من المصلين روحية الصلاة وخشوعها لسبب تمازج أصوات كافة الأئمة في صوت واحد تحتاج من المصلي فراسة تمييز الأصوات وإلا وقع ضحية لجهله لهذا الفن فيصبح مخالفاً للجماعة وقد تبطل صلاته (الناس جالسون وهو ساجد) فيحتاج أحياناً لإجادة فن مراقبة المصلي الجار بطرف عينه، ومن المعروف حركة العين في الصلاة في غير موقعها تبطل الصلاة، وأحيانا تكون من المحظوظين إن وجدت جارك بالصلاة من الطيبين فتجده يمارس معك عملية اللمز والغمز بأطراف أصابعه ليذكرك بأنك مخالف للجماعة وربما تكون أحيانا سببا رئيسيا في وقوع المصلين الآخرين في مخالفة الإمام بسبب موالاتك للإمام بالمسجد الجار فاحذر ذلك.
فإذا كانت الصلاة هي صلة بين العبد وربه فلماذا نحرم أنفسنا من الاتصال المباشر بالخالق ونفقد الأجر العظيم ونحن اليوم أحوج ما نكون محتاجين إليه في ظل انتشار المساجد المتقاربة من بعضها بصورة عشوائية تشوش علينا احدى أهم صلات الاتصال بخالقنا لا أعتقد بأن ديننا الاسلامي دين النظام يسمح بذلك.
فوضى المساجد المتقاربة يستشعرها الجميع ولكن أجبرنا أنفسنا على لغة الصمت بحجج واهية بأن الدين لا يسمح بذلك لا أعتقد بأن أحدنا يتجرأ على مخاطبة جهة معنية مطالبا بإقفال مسجد لعدم حاجة سكان الحي له لوجود مسجد آخر يلم شمل السكان محققاً أحد أهداف المسجد والتي للأسف لا نراها اليوم بسبب انتشار تلك الظاهرة العشوائية.
وبسبب زيادة عدد المساجد المتداخلة فتحنا لإخواننا أصحاب اللغات غير العربية الباب لكي يزعجونا بصوت نشاز عندما يؤذن أحدهم بلكنة غريبة فلا تستطيع أن تعرف بأنه يؤذن أو يقيم، يأكل الحروف ويخلطها مع بعضها ليشكل ظاهرة خاصة ذات عواقب وخيمة.
وظاهرة المساجد المتقاربة فتحت باباً جديداً للمنافسة على جائزة أعلى صوت بمكبرات ذات ترددات عالية لا ترحم نوم الأطفال ولا المرضى ولا العجزة فهؤلاء إذا كان ديننا الاسلامي منحهم الرخصة فلماذا نسلب منهم هذه الهبة الربانية ونجبرهم على مشاركتنا بأسماعهم الأحوج للراحة والهدوء والسكينة.
الحديث عن ظاهرة وعشوائية المساجد المتداخلة يطول ولكن الأهم هل هناك آلية ونظام لفاعلي الخير الراغبين في كسب الأجر ببناء مساجد من حيث الموقع ومدى الحاجة إليه.
وختاماً للأسف هناك في الجانب الآخر تحلم بعض القرى والهجر بمسجد واحد فقط بينما نحن نساهم بتخمة المدن الكبيرة بالمساجد.
|