انقضت مهلة العفو التي استفاد منها بعض من المطلوبين أمنياً، وهي أظهرت كيف أن الدولة حريصة على إتاحة الفرصة أمام مَن تحدثه نفسه بإمكانية التراجع عمّا ذهب إليه من أعمال مشينة تعمل على زعزعة الاستقرار، كما أظهر العفو المسؤولية الكبيرة التي تستشعرها الدولة تجاه المواطنين كافة، حتى أولئك الذين ارتضوا حمل السلاح ضدّها، مفسحة المجال أمامهم لمراجعة أوضاعهم والعودة إلى جادة الصواب.
وقد جاءت المبادرة الكريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين، وقوات الأمن قد حققت اختراقات مشهودة ضد الفئة الضالة؛ لتعكس المبادرة بذلك أنها تنطلق من موقع قوة وسيطرة كاملة على الأوضاع. وسيجد الذين أضاعوا هذه الفرصة ولم يغتنموها أنهم أخطأوا مرة أخرى في حق أنفسهم، وفي حق مجتمعهم، الذي عمل، رغم ما بدر منهم، على توفير ما يمكنهم العودة إليه معترفين بأخطائهم.
لقد جاءت مبادرة العفو لتؤكد الحرص الشديد، والاهتمام بإعادة أبنائنا إلى دائرة المجتمع، وإلى نطاق السلوك السويّ، وهي بذلك تعكس رعاية أبوية للجميع. وكان على الذين توجهت إليهم هذه البادرة الكريمة التمعّن في معانيها، والتفاعل معها بما تستحقه من التقدير، والتجاوب مع مقاصدها ومراميها.
ومع هذه البادرة فإن سلطات الأمن التزمت بذات الحزم الذي واكب عملها منذ بداية التصدّي لهذه الفئة المارقة، وهي حققت من خلال ذلك نتائج طيبة تمثلت بصفة خاصة في تقلص قائمة المطلوبين من خلال مواجهتهم، وقتلهم، واعتقالهم، فضلاً عن الذين فضلوا الاستسلام.
إن كلّ المعطيات تفيد بأن الذين بقوا - من المطلوبين - على عنادهم هم فئة قليلة منعزلة، وهذا الانعزال يدل على وعي كامل وسط المجتمع على رفض هؤلاء، طالما أنهم يسلكون طريقة تمثل خروجاً واضحاً على الثوابت. وقد دلت قرائن عديدة على هذه العزلة التي لم يتمكن الإرهابيون في ظلها من معالجة جرحاهم الذين لقي بعضهم حتفه من تأثير الإصابات في المواجهات مع رجال الأمن.
لقد كانت التجربة مريرة، لكنها أكدت التلاحم الكبير بين المواطن ورجال الأمن في سبيل حماية الوطن، وأبرزت كيف أن الجميع يسلكون ما هو متوقع منهم إزاء هذه الأخطار، حيث أثبتت الوقائع أن هذا التلاحم هو أمر ضروري من أجل تجاوز مثل هذه المعضلات.
|