Friday 23rd July,200411621العددالجمعة 6 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

رياض الفكر رياض الفكر
الزهور ترفض الإرهاب بالفطرة
سلمان بن محمد العُمري

لم تستطع شعارات الدين التي يتشدق بها الإرهابيون والمتطرفون أن تخدع مشاعر الأطفال الصغار ، وتبددت هذه الشعارات الجوفاء ، وفقدت الحد الأدنى من المصداقية أمام مشاهد الدماء البريئة التي سالت من أجساد أطفال في عمر الزهور ، وتلاشت أصوات ومبررات مرتكبي العمليات الإرهابية الإجرامية ، بفعل دوي الانفجارات ، ودموع أمهات وزوجات وبنات الشهداء من العسكريين والمدنيين الذين ضحوا بأرواحهم أداء للواجب ، فتحولت همسات الأطفال ، وزفراتهم الحارة إلى صرخة رفض تدين هذه الأعمال الإجرامية ، وتكشف سوء طوية مرتكبيها ، ولأول مرة يخرج أطفال المدارس في بلادنا في مسيرة يعلنون إدانتهم لما جنته أيدي الفئة الضالة ، التي أصاب قلوبها المرض ، فلم تتألم لدموع طفل فقد والده ، أو أنين زوجة فقدت رفيق دربها ، أو بكاء أُمٍّ قتل الإرهاب ابنها الذي كانت تدخره لتستند عليه - بعد الله - في خريف العمر.
وبفطرة سليمة نقية ، استطاع الأطفال والصبية ان يكشفوا بأنفسهم دون تأثير من أحد ان الإرهاب جريمة تنافي كل فطرة سوية ، لا يقرها دين ولا يقبلها عقل منصف ، ولا يتعاطف معها صاحب قلب رحيم فضلا عن مخالفتها الصريحة لتعاليم ومبادئ الإسلام السمح الذي جاء رحمة للعالمين.
وعلى الرغم من أن عقول الأطفال والناشئة قد لا تدرك اوجه ودلائل تحريم الإرهاب في الفقه الإسلامي إلا ان مشاهد الخراب والدمار والدماء ، وما خلفته من دموع وآلام ، كانت كافية لان تقنع هؤلاء الصغار بجرم هذه الأفعال ، وضلال عقول مرتكبيها ، وإلا فكيف يحرق الإنسان بيته ، وهل يقبل عاقل ان يقتل أخاه او ابنه او جاره؟ فالقنابل ليس لها عين ترى بها ، وليس لها عقل تميز به القريب من البعيد ، شظاياها يمكن ان تصيب الجميع بلا أدنى تمييز ، ثم ألا تكفي اخوة الدين والوطن لتحقن دماء المسلمين من ان يسفكها بعض المنتسبين للإسلام؟
لقد استطاعت عقول أبنائنا الصغيرة ان تجيب عن هذه التساؤلات ، وتدرك بشاعة الإرهاب وضلال الإرهابيين ، فهل يدرك من يرتكبون هذه الجرائم ما أدركه الصغار ، فيتوبوا إلى الله مما اقترفته أيديهم ، لعله يتقبل منهم ، قبل ان يلقوه - جل وعلا - وأيديهم ملطخة بدماء المسلمين؟ أم ان عقولهم التي تتجرأ على إطلاق فتاوى تبرر القتل والتدمير والتخريب لا تختلف كثيراً عن قنابلهم ، لا تستطيع التمييز بين الصواب والخطأ وبين الحلال والحرام.
وهل تعلَّم من يتعاطفون مع الإرهاب ويحاولون تبريره ، هذا الدرس الذي تعلمه الصغار ببراءتهم ليس أكثر؟ ، ليتنا جميعاً نتعلم هذا الدرس إن لم يكن بالعقل والمنطق ، فليكن بالمشاعر الإنسانية التي يصعب خداعها أو توجيهها.
إن المجتمع بأسره ، صغيره وكبيره ، رجاله ونسائه ، بمختلف مشاربهم وفئاتهم ، مسؤولون لمجابهة هذا الفكر المنحرف ، والذود عن حياض الوطن ، فتلك الشرذمة الظالمة المستبدة لابد من إيقافها ، بل لابد من اقتلاع جذورها ، وتتبع غرسها الأول ، والقضاء عليه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved