يمر الزمن لكن شخصيته تبقى راسخة في ذهنه، رحلت فساده شعور ما زال يلازمه بأن الحياة لا معنى لها بعد فراقه لقد كان رحيلاً مراً عصف به وترك أثراً بالغاً حاول جاهداً وقف شريط الذاكرة المختزنة لتلك الصورة لكنها بقيت في تكرار تضغط بشدة وتشغل حيزاً واسعاً من تفكيره .كل الحركات والهيئة تبقى ماثلة تجسد شخصية كانت له كل شيء في حياته فكان رحيلها معاناة وألما سارت به إلى حالة نسيان .الوقت أصبح مشدوداً في معالمه: يغرق في الخيال ،الصورة مجزأة تتجمع وتبقى راسخة في الذهن، رغم المحاولة لنزعها تصر على المعاودة عند كل موقف ومكان ،جعلته أسيراً لها.
رسم شخصية صارمة أعطت هيبة للدار: صدى صوتها يتردد في أرجائه، مثال في الدقة والنظام ،صفات غرسها في أبنائه ،لا يرضى لمقام العائلة بأن يختل، يريد سمعة ما زالت متوارثة أباً عن جد، فالويل والعقاب على الذي يخرج عنها، انها الرمز الذي دائماً ما فاخر به حتى صار حديث من حوله ،وحاول الآخرون احتذاءه، سمّر نظره إلى البرواز في صالة الجلوس وراح يطيل النظر، أراد مخاطبة الصورة ولكنها صامتة لم يبق منها إلا النظرة الحادة ،أدخلت على نفسه الهيبة وشعوراً بأنها لم تختف وانه في انتظارها: سوف تطرق الباب ويفتح لها ليواجه بعد ذلك بسيل من الكلمات القاسية التي اعتاد عليها، تمنى ليته يتحقق، انه في الواقع الحلم الصعب، جاء نداء من داخله يقول: عليك بالنسيان وطي صفحة الماضي، باستطاعتك شق طريقك نحو المستقبل، لا بد من ان تعرف ذلك ،عندما تموت الأشجار بفعل الرياح والعواصف فإن جزءاً منها يبقى ليصارع وينمو من جديد في حياة لا تعرف معنى اليأس، إنك امتداد له، فلتجسد شخصيته أنت وتبرز خصالها الطيبة، لكي تدوم مع الزمن: هذا الذي يبقى جديراً بالاهتمام، أما انغماس النفس في حالة من الضعف والحزن والكآبة فلا يجدي ولن يعيد الماضي، لقد انتهى وأسجي إلى حيث لا عودة، يجب ان تخفي تلك الصورة من عقلك فإنها لن تعود.. لن تعود.
الخرج |