ليست هي طريقتي ولا منهجي أن أكتب مثل هذه المقالات، عن حلم في جسر، أو شجرة ساقطة في الطريق تؤذي المارة، أو شارع غير ممهد ينهك السيارة، ولكن حينما يعج السكوت في الأجواء، وتبقى الأعين ناظرة دون كلام، وعندما ترى الضوضاء والفوضى في كل حارة ودرب، لابد أن يكتب من يحسن الخط لكل متيقظ لنفسه دون مجتمعه.
لعلني أخاطب بلدية بريدة مباشرة دون الترميز لها أو لغيرها، فهي صاحبة اليد الطولى في التنظيم والتشجير، والزخرفة والتنميق، فقد كثر الحديث عن حاجة بريدة لجسور تفك أسر الزحام المروري، وتعتق رقاب الناس من شر الحوادث والبلايا.. فالخطاب موجه، إن لم تدركوا فسيفوت عليكم كثير من العناء والجهد، أدركوا التخطيط السليم في بناء الجسور في مواقع الزحام، وخططوا لسنين قادمة، كي لا تَخسروا وتُخسِّروا غيركم ودولتكم أموالاً كثيرة، ووفروا جهد أنفسكم، واجعلوا الجهد للنافع المفيد، لا للتنميق أمام المسؤولين بأنكم فعلتم كذا وكذا، وهاكم دوار المحاكم الذي اخترعتم إشارة مرورية فيه، لو وضع جسر بدلاً من ذاك الدوار، لسهل على الناس ممشاهم، ويسَّر عليهم طريقهم، ولكن بعض النفوس تأبى أن تُسهل على الناس، وتأبى أن تأخذ بنصائح غيرها، لأن الغرور بالإتقان قد سرى في عروقهم.
وأنتم تعلمون مواقع وحاجات مدينتكم للجسور، فلن استطيع إحصاءها كلها، ولكن هناك مواقع تحتاج إلى الحكمة والكياسة في التنفيذ.. فدوار المحاكم ودوار الكلية الزراعية على المثال لا الإحصاء، فلو أنشئ فيه جسر يحقن الدماء ويسهل الطريق، الواجب عليكم أن تنظروا إلى أجيال قادمة، لا نعلم على أية صورة سيأتون، ومن أين سيقتاتون، وأن تعملوا دارسات متأنية دقيقة.
ما زال الحلم يراود أهل بريدة في تطوير مدينتهم، والبلدية التي كثيراً هذه الأيام ما ترفع صوتها بأنها تستحق أن تحول من بلدية إلى (أمانة)، عليها بالتخطيط والإعداد، وعدم البطء في التنفيذ والإنجاز، ناهيك عن الحفريات في الشوارع وكأنها مدينة وليدة تنشأ لأول مرة، فكل موسم يحفر الشارع عدة مرات. وأعلم أن سيأتي أحد نافخاً صوته، أو مغلظاً حنجرته، ويقول: ( رضا الناس غاية لا تدرك)، إذ أصبحت هذه المقولة شائعة عند الخانس والمجتهد، وعند المهمل والحريص، تساوى بها الفريقان، وكل منهم يريد أن يقنع السامع بأنه على جادة الصواب، وربما غفل أو تغافل أن الناس ما باتوا غافلين عن الحقائق.
|