نصادف في حياتنا أصنافاً من البشر وكأنهم ليسوا بشراً وأن تدثروا بهيئتهم.. يعز عليهم أن تبرز طيبة وأخلاق المسلم في طباعهم.. ويتألمون إن شاع عبير حسن المعاملة في تصرفاتهم، ويستعيبون المصداقية في أدائم وان استتروا تحت مظلة الأمانة والخوف من الله وأداء الحقوق، لأن هذه المصداقية تنم عن ضعف وتمييع للشخصية الاجتماعية الطاووسية أو هكذا هي رؤيتهم.. فأصبحت هذه الشخصيات تسير وسط المجتمع فاردة أجنحة الغرور والكبر والغطرسة ساعية لبناء هيكل اجتماعي والله إنه لأوهن من بيت العنكبوت لو كانوا يعقلون.. فمنهم مستظل بمركز وظيفي، ومنهم متباهٍ بمالٍ أو جاه اجتماعي ومنهم من يستغل هذين لخلق الأبهة والعظمة والحاشية المهللة المكبرة لهم، ويتصدرون المجالس بثياب مستعارة لا يمتلكونها ولن تدوم لهم.. ناسين أنها لو دامت لغيرهم لما دنت لهم.. كفانا الله شرور أنفسنا والأنفس المريضة.. ناهيك عن المبالغة والتشدق في الحديث، انفعالات مصطنعة وضحكات باهتة وتنميق للكلام ممجوج تنقصه الحياة الصادقة.. وحركات تشف عن طبيعة اجتماعية قاصرة.. وما هؤلاء ببعيد عن حكاية الخليفة والحلاق.. حينما أقبل حرس الخليفة ووجوههم تعلوها الدهشة من وجود حلاق في السوق يشك من شاهده أنه توأم للخليفة ان لم يكن هو.. أثار حديثهم عن الحلاق فضول الخليفة الذي شاهد الحلاق وطلب منهم إحضاره بعد تخديره إلى قصر الخلافة.. فألبسوه ملابس الخليفة وأجلسوه في مكانه.. وعندما أفاق الحلاق خشي على عقله من الجنون.. لعالم بهيج فخدم وحشم ومجلس خليفة.. صدق الحلاق نفسه بأنه الخليفة من ثيابه ووضعه، ولكن حقيقة الحلاق بدأت تظهر رأسها كالحية في تصرفاته وأوامره وتعامله مع المحيطين به.. فالمتحدث حلاق والهيئة لثياب الخليفة.. هل غيرت هذه الهيئة الخارجية شخصية الحلاق.. هل هذبت أخلاقه وحسنت من تصرفاته.. هكذا هي حال بعض البشر حديثي العهد بمراكز المسؤولية أو المراكز القيادية في الدوائر الحكومية خليفة في الأبهة حلاق في التصرفات، وكأن هذه الوظيفة شرعت لهم دون سواهم يذلون من لا يطأطئ برأسه لهم ويتزلفهم ويتملقهم وان كان مطالباً بحقه.. كل هذا وللأسف يدور وراء الكواليس بغفلة من المسؤول الأعلى في هذه (......) فلعله يتذكر حديث سيد البشرية صلى الله عليه وسلم (كلكلم راع وكل راعٍ مسؤول عن رعيته) فعليه أن يستيقظ من غفوته ولا يثق بما يصل إلى مسامعه فهو مسؤول أمام الله عن هذه الأمانة ولا يغرنه أبهة الخليفة فقد يكون تحتها الحلاق.
|